حيٌّ بين قرّائه .. كلمات في رثاء الصحفي “وليد معماري” من رفاق مشواره
أصعب الكلمات تلك التي نكتبها في رثاء من علّمونا الكتابة، فكيف بمن علّمنا كيف نحيا بالكتابة؟.. والحق أن صحفياً كـ “وليد معماري” لا ترثيه الكلمات طالما أن اسمه حيٌّ بين قرّائه، فأيُّ مجدٍ هذا..؟
قبل أعوام زرتُ أستاذي في بيته، استقبلني بتواضع وأحرجتني كلمته “نحن زملاء”، ابتسم لي طوال ساعة ونصف، فاتني خلالها الانتباه إلى وضعه الصحي، ولمّا اعتذرت، قال لي “الوقت كلّه لكِ”. في طريقي إلى باب بيته، رافقني إلى الشارع، ولم يعد إلى الداخل، حتى باعدتنا المسافة.
قبل ساعة نعت أسرة “تشرين” الزميل وليد معماري، الصحفي والأديب السوري الذي عمل صحفياً في جريدة تشرين، واشتهر بتحرير زاوية “قوس قزح” وهو من المؤسسين في الصحيفة، وعضو تحرير في جريدة صوت الشعب، وعضو هيئة تحرير جريدة الدومري، أول جريدة سورية ساخرة وخاصة.
وفي رصيده أيضاً: أحزان صغيرة (مجموعة قصصية)، اشتياق لأجل مدينة مسافرة (مجموعة قصصية)، و(مجموعات قصصية للأطفال) حكاية الرجل الذي رفسه البغل، يوميات ولد اسمه شغبوب ( مجموعة قصصية).
الكاتب والسيناريست حسن م يوسف، رافق الراحل معماري لأعوام في “صحيفة تشرين” وعنه قال للصحيفة في اتصال هاتفي: “تضيق الكلمات في حضرة هذا الرجل، وليد معماري قيمة إنسانية قبل أن يكون قيمةً أدبية كبرى، وقيمةً إعلامية متوهجة نذرت نفسها لهموم الناس والدفاع عن مصالح الفقراء والذين لا صوت لهم، وليد رجلٌ كان منسجماً مع نفسه طوال حياته عاش نظيف اليد والقلب واللسان، وقدم لنا إبداعاً سوف يبقى طويلاً، إبداع في مجال القصة القصيرة ، وفي المقال الصحفي والتحقيق والدراسات، أعتقد أننا بحاجة لوقت كي نستجمع أنفسنا من هول هذه المصيبة التي لحقت بنا، وليد معماري أخي في الحبر والأحلام، عشنا عمراً مديداً معاً في “صحيفة تشرين”، كانت طاولتي قرب طاولته، عندما انتقلت إلى منطقة مساكن برزة أعارني رقم هاتفه، بقيت سنوات أشاركه نفس الرقم، وهو لم يتذمر يوماً، إنسانٌ نبيلٌ بكل معنى الكلمة، يعيش الحياة ببساطة وعمقٍ وتفانٍ”.
الزميل وليد اسعيد، أمضى سنواتٍ من مشواره الإعلامي مع الراحل معماري في “صحيفة تشرين”، وعنه كتب في صفحته في فيسبوك: “رحل اليوم ساحر الكلمة، رحل أمير القلم الساخر، رحل الزميل والصديق والأخ الكاتب الكبير وليد معماري، عميد زاوية قوس قزح في جريدة تشرين وأحد مؤسسي شهرتها الواسعة أيام الزمن الجميل، عملنا معاً لسنوات طويلة واستضافنا في زاوية “قوس قزح” كتلاميذ أمام أستاذ كبير، وخلال تلك السنوات كان وجود وليد معماري وحضوره في الصحيفة كنسمة الهواء في أصبوحات الربيع الجميلة بما تحمله من رقة ونعومة وأنس وطيبة، وكانت كتاباته في “قوس قزح” وغيرها من الزوايا بما تناولته من قضايا مهمة تمس حياة الناس اليومية خبزاً يومياً لعشاق الكلمة الناقدة الحرة والجريئة، لم أعرف زميلاً جمع هذا الإجماع من الحب والألفة والمحبة من زملائه في العمل ومن قرائه ومن كل من يعرفه كما كان عليه وليد معماري. رحمك الله أخي وليد وبالغ العزاء لأسرتك الكريمة ولزميلنا الجميل خالد ولكل زملائك وذويك وقرائك ومحبيك وليبقى ذكرك خالداً”.