تكاليف كثيرة تسقطها حسابات تسعيرة “التموين”!
صناعيون يقترحون تسعير المواد الغذائية وإعطاء مهلة للألبسة دهام: الأسعار التي تفرض لا تطبق رغم العقوبات لأنها غير منطقية
يعترض أصحاب فعاليات اقتصادية على تسعيرة وزارة التجارة الداخلية للمواد ويقولون إنها أقل من التكاليف، وإن هنالك الكثير من التفاصيل والتكاليف التي لا تلحظها التسعيرة، أقلها ساعات الانقطاع الطويلة للكهرباء ما يجعل ساعات العمل محدودة للعمال، وعند محاولة علاج الأمر ببدائل الطاقة تصبح التكاليف مرتفعة أيضاً.
وأضاف الصناعي فايز الدنون لـ«تشرين» وصاحب شركة ملبوسات: إن التكلفة لا تظهر خلال الإنتاج الحالي، لأن الاعتماد على المازوت والكهرباء واليد العاملة، إذ إن ساعات التوقف للعامل أكثر من ساعات عمله خلال يوم العمل، وذلك تبعاً لمدى توافر الطاقة لتشغيل الآلات.
ودعا الدنون مراقبي التموين إلى تركيز حملاتهم على مراقبة المواد الأكثر أهمية في حياة المواطن كالمواد الغذائية، وترك هامش أوسع لمنتجات الألبسة التي تخطو خطواتها الأولى نحو التعافي بعد تأمين المازوت للصناعيين، وكذلك بعد صدور قرار إعفاء المواد الأولية من الرسوم الجمركية، والسماح باستيراد الأقمشة المسنرة، وأن هذا كله ساهم بانخفاض تكلفة إنتاج القطعة أكثر من 10 آلاف ليرة.
وذكر الدنون أن هنالك طلباً كبيراً على الألبسة السورية من أسواق الدول المجاورة كالأردن والعراق، حيث يتم استجرار الكثير من الألبسة، إضافة إلى عودة نشاط أسواق الجملة، ويعتقد الدنون أنه لولا الأزمة التي دخلتها البلاد لكانت الصناعة السورية تمكنت من مواجهة الصناعة الصينية.
مدير الأسعار الأسبق في وزارة التجارة الداخلية وعضو في جمعية حماية المستهلك د. جمال السطل قال: إن التسعير يتم بناء على دراسة التكاليف، وذلك بالاتفاق مع المنتج.
بالإكراه
أما الخبير الاقتصادي والصناعي السوري شادي دهام فيؤكد أن وزارة التجارة الداخلية بادرت بممارسة دورها بتسعير السلع وحددت أسعار مبيع المواد بأقل من الأسعار الموجودة في السوق وأقل من التكلفة الحقيقية، وأن الغاية من هذا الإجراء هي تحديد سقف أسعار مبيع هذه المواد وإجبار التجار على تخفيض أسعارهم وهذا يلفت نظر المواطن الذي طحنته الأسعار ولكن في أي سوق تسري قاعدة التسعير بخسارة وبأقل من التكلفة؟
وأضاف الخبير دهام: إن الأسعار التي فرضتها وزارة التجارة على التجار لا يتم تطبيقها أبداً مع كل العقوبات الرادعة لأنها غير منطقية وغير واقعية وأدت إلى فقدان المواد وتخزينها وتهريبها ومن ثم رفع أسعارها، وإن المنافسة الحقيقية وخوف التاجر من خسارة زبائنه هما أكبر رادع للتاجر لكي لا يرفع سعره، ويتنافس عادة التجار فيما بينهم بالأسعار لجذب المستهلك، ولكن عندما أصبح التاجر يبيع بسعر مخالف للنشرة التموينية لجأ إلى عدم إظهار البضاعة في محله التجاري خوفاً من المخالفة التموينية، وأصبح يبيع البضاعة لزبائنه الخاصين وهذا جعل البضاعة غير موجودة إلا للزبون الثقة وذلك أضر بانسيابية وجود المادة في المحال، ونتيجة خشية التجار من المخالفة التموينية وتلهف المستهلك للشراء نتيجة عدم عرض البضاعة في المحال أصبح التاجر يربح أكثر، حيث إنه يريد أن يعوض أي مبالغ ممكن أن يدفعها كمخالفة تموينية، فإجبار التجار على البيع بسعر منخفض ممكن أن يكون مقبولاً لمرة واحدة ولكن لن ينجح دائماً لأن التاجر يريد أن يربح أو يبيع برأس المال لكي يستمر بدورته الاقتصادية، ومن غير المنطقي أن يتم تحميل كل تبعات الأزمة للتجار وإجبارهم على المبيع بخسارة ومعاملتهم كخارجين على القانون.
وأكد دهام أن تحقيق التوازن في الأسعار يكون عبر الأخذ بالتكاليف قبل كل شيء، وكلما كان هناك تعامل صحيح مع التكاليف التي تظهرها البيانات والأوراق النظامية كلما كانت قادرة الوزارة على فرض تسعيرة منطقية كلما كانت قادرة على حماية السلع من الاحتكار ورفع أسعارها، فعندما تضع وزارة التجارة الداخلية أسعاراً بأقل من التكاليف يدفع المواطن الثمن مرتين مرة بانقطاع واحتكار المادة ومرة بسعرها المرتفع والاستغلالي. ومن الأفضل أن نترك السوق لقواعد العرض والطلب ونساهم بزيادة عدد التجار والصناعيين والمستوردين لكي نزيد التنافس التجاري بينهم أو أن تقوم المؤسسة السورية للتجارة باستيراد المواد بكميات جيدة، وتقوم بتوزيعها، وإذا كان ذلك متعذراً بالوقت الحالي فيمكن على الأقل إعادة التسعير لكي تكون الأسعار منطقية وأن نعطي التاجر حقه وهو الربح المنطقي، ويجب دخول (السورية للتجارة) كلاعب أساسي ومنافس حقيقي كفيل بخلق توازن سعري ومن الواجب الارتقاء بمستوى الإدارة في (السورية) إلى المستوى الذي تكون فيه قادرة على قراءة وجودها في السوق بشكل صحيح وعدم تحويلها إلى مؤسسة اتكالية تحتمي بكونها مدعومة من الدولة.
وأضاف دهام: إن وزارة التجارة الداخلية ضبطت سعر السكر والزيت النباتي وغيرهما، ويأمل دهام أن يتم ضبط كل المواد الأخرى في الأسواق، وألا يتم تحميل التجار وحدهم مسؤولية ارتفاع السلع وعدم وصفهم بالجشعين، أو يتم تصويرهم أمام المواطنين كأشخاص مستغلين وطامعين بالرغم من أن الأسعار لا تحدد من قبلهم أصلاً، فمعظم السلع المحلية والمستوردة تعتمد على تكاليف الإنتاج والنقل حتى تصل إلى التاجر، فيوضع بمواجهة المواطنين الذين يعانون من محدودية الدخل وسط أسعار جنونية.
ويختم دهام بالقول: إن آمالاً كبيرة يعلقها المواطن السوري على الحكومة للخروج من الأزمة الاقتصادية.