«نجاة» حملة لمناهضة العنف ضد المرأة تقوم على شهادات حيّة
تتكئ حملة مؤسسة «مَوج» التنموية «نجاة» على شهاداتٍ حيّة لنساء مُعنّفات، تعرضن لانتهاكاتٍ مارستها الأسرة والمقرّبون، وصولاً إلى إساءاتٍ في مواقع العمل طالت شرائح غير متوقعة كالمحاميات والطبيبات والصحفيات، كما تُولي الحملة اهتماماً بالقوانين والاتفاقيات المحلية والدولية التي لم تُطبق لمصلحة أعراف وتقاليد مجتمعية مُهينة، في مقدمتها جرائم بذريعة الشرف.
بدأت فعاليات الحملة بالتوازي مع حملة 16 يوماً العالمية لمناهضة العنف ضد المرأة، التي تنطلق سنوياً من اليوم العالمي المخصص لهذه المناسبة (25 تشرين الثاني) وتنتهي في اليوم العالمي لحقوق الإنسان (10 كانون الأول)، رمزها اللون البرتقالي كدلالة على الأمل بمستقبلٍ مشرقٍ وخالٍ من أي شكل من أشكال العنف وعدم المساواة لكل نساء وفتيات العالم.
تقول أنوار العبد الله، صحفية من فريق الإعلام والتواصل في «مَوج»: كسر دائرة العنف «نجاة»، الوعي بحقوق الفتيات والنساء التي كفلتها القوانين والمعاهدات الدولية «نجاة»، ولأننا بحاجة لحشد الجهود المحلية الدولية لنحقق لكل مُعنّفة «النجاة»، من هنا جاء عنوان الحملة، وهو يشير أيضاً إلى أهمية التمكين الاقتصادي لوضع حدٍّ للعنف القائم على النوع الاجتماعي.
وقدّمت الحملة مجموعة من المواد المكتوبة مع تصاميم بصرية تشرح عدداً من القوانين المعنية بالمرأة، تُبين ما هو المفعّل والمُغيّب منها، وتشرح مقاصد ومعاني عددٍ من الإجراءات والاستثناءات كـ«التحفظ، التوقيع، المصادقة». وتضيف العبد الله لـ«تشرين»: الحملة مستمرة على تطبيقي «فيسبوك» و«إنستغرام» للوصول إلى أكبر شريحة مُستهدفة ممكنة، وفيها إضافة إلى ما سبق شهادات لنساءٍ تعرضن لأنواع مختلفة من العنف منه ما يتعلّق بالصحة الإنجابية والزواج المبكر وتحاليل ما قبل الزواج، كما نعرض لقصة نجاح تتناول مشاركة المرأة في الحياة العامة والسياسة، وفيديو بعنوان «حتى ما تنسونا» للتذكير بضحايا جرائم القتل بذريعة الشرف.
من الشهادات التي عرضت لها «مَوج» حكاية «سلمى»، كان عمرها خمسة عشر عاماً حين تقدم لخطبتها شاب من أقاربها، وبالاتفاق مع والدها، لم يتم إجراء التحاليل الطبية الخاصة بالزواج (الإلزامية) في مخبر وعيادة الفحص الطبي، وهو مركز حكومي، إنما أجريت التحاليل عن طريق طبيبة خاصة ذات صلة وطيدة بعائلة الزوج، وحملت «سلمى»، وخلال الفترة الأولى من الحمل لم تقبل عائلة الزوج بأن تعرض على طبيبة نسائية للاطمئنان على صحتها وصحة الجنين حتى بلوغها الشهر السابع من الحمل. عندها قرروا أن تذهب إلى طبيبة من اختيارهم، وتبين أثناء الفحص وجود تشوهٍ في الجنين الذي كان أنثى توفيت فور ولادتها.
وعندما سألتْ «سلمى» الطبيبة عن سبب التشوهات الحاصلة للجنين وما إذا كان لصلة القربى بينها وبين زوجها أي تأثير على الحمل، نفت الطبيبة هذا السبب تحت ضغط عائلة الزوج، وقالت إنه أمر طبيعي حدوث مثل هذه التشوهات وحالات وفاة الجنين. وبعد وفاة الطفلة بأشهر قليلة تم افتعال مشكلات من قبل الزوج وأهله وقام بتطليق «سلمى».
حالة «سلمى» واحدة من بين الكثير من الحالات التي تُحرم فيها المرأة من أقلّ حقوقها، وبغية الحد من هذه الانتهاكات يُوصى كما تقول الحملة «بمراجعة قوانين الأحوال الشخصية المرتبطة بعقد الزواج والطلاق بما يضمن إلغاء كل أشكال التمييز ضد النساء، وحرص القاضي على توافر كل المستندات والتأكد من قانونيتها قبل إبرام عقد الزواج، ووضع آليات رقابية شديدة على إصدار التحاليل المخبرية قبل الزواج».
وتقول المعايير الدولية في الانتهاكات التي تعرضت لها «سلمى»: المادة /12/ من اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) وخاصة الفقرة رقم /2/ تتضمن «تكفل الدول الأطراف للمرأة خدمات مناسبة فيما يتعلق بالحمل والولادة وفترة ما بعد الولادة، موفرة لها خدمات مجانية عند الاقتضاء، وكذلك تغذية كافية أثناء الحمل والرضاعة».
وفي الإطار المحلي، أقر النواب السوريون بتاريخ 05/02/2019 تعديلاً على قانون الأحوال الشخصية الصادر عام 1950 يقضي برفع سن الزواج إلى 18 عاماً للذكور والإناث، وحظر إتمام عقود الزواج من دون موافقة صريحة من صاحبة الشأن. كما أن عيادات ومخابر الفحص الطبي ما قبل الزواج هي مشروعٌ أطلقته نقابة الأطباء بالتعاون مع وزارة الصحة منذ عام 2008 وعممته على معظم المحافظات، وباتت الفحوصات الصادرة عنها إلزامية ومن الشروط المطلوبة لإتمام إجراءات الزواج في سورية.