بركة «المشعوذين»!
من المستحيل تأمين الدواء لابنتي، راتبي كله بالكاد يشتري علبتي دواء لـ يارا التي تعاني منذ أن أتت على هذه الدنيا من مرض ( حمى بحر الأبيض المتوسط) ، وتحتاج كل شهر خمسين ألف ليرة ثمن العلبة الواحدة التي يرتفع سعرها كل فترة .. فكيف لي أن اشتريه …؟! المسألة حياة أو موت بالنسبة لفلذة كبدي ..أخذ أبو علاء يتمتم..
حال أبو علاء حال أغلبية السواد الأعظم ممن لديهم مريض ويشكل تأمين الدواء بأسعار مرهقة عبئاً كبيراً لهم.
لم يتوقف يوماً (موشّح) المطالبة برفع أسعار الأدوية من قبل أصحاب المصانع الدوائية عبر مجلسهم، يبدأ المسلسل من فقدان الكثير من الأدوية، ومن ثم الاحتكار بذريعة أن الأسعار الحالية لا تتوافق مع أسعار التكلفة المرتبطة بسعر الصرف، وهذا له مؤشر واحد هو أن ذهنية منتج الأدوية هي ذاتها ذهنية التاجر وعلاقته بـ«ـالزبون- المريض» وهمّه الوحيد تحقيق أعلى معدلات الربح من دون اعتبار لأي معايير أخرى.. متناسين أن سياسة التقشف التي تتبعها أغلبية الناس وخاصة شريحة ذوي الدخل (المهدود) تضمنت حذف كل شيء.. نعم كل شيء يزيد على لقمة عيشهم، بل اتجه كثيرون نحو سياسة التداوي بالأعشاب وغيرها لعجزهم عن تأمين
قيمة الدواء من دون أن يرفّ لأصحاب الياقات البيضاء جفنٌ، الذين لا يملّون من تكرار أسطوانة إما رفع الأسعار وفق السعر العالمي وإما إغلاق خطوط الإنتاج..
نعم الهدف مادي بحت لطالما رفع الأسعار تحت شعار «ما بتوفي معنا».. والتهديد بالإغلاق يلوحون به في كل حين.. في الوقت الذي تئن فيه البلاد برمتها تحت وطأة الفقر والقهر والجوع من دون رحمة أو شفقة للمرضى وذويهم…علماً أن الجميع يعلم أن تحديد سعر الأدوية من مهام وزارة الصحة التي تحدده وفق سعر التكلفة مع تحديد نسبة الربح بعيداً عن سعر الصرف، لكن على أرض الواقع حتى ظرف ( السيتامول) يختلف سعره من صيدلية لأخرى، فهذه المرة إذا ما تم رفع سعر أقل علبة دواء ستكون لها نتائج كارثية، ويوضع الحكومة أمام تحديات جديدة لا خيار لها من اتخاذ خطوات إضافية شريطة أن تخفف من وطأة الكارثة.. أو اتجاه الأغلبية للتداوي بالأعشاب و«تمائم» المشعوذين وبركاتهم.!