لِمَن أُقيم المعرض؟

“خمسة آلاف عنوان” تجتمع في معرض الكتاب السوري، يبدو الرقم مغرياً ومثيراً للبحث في أكثر من اتجاه، فإلى أين تتجه دور النشر المُشاركة في اختياراتها لما يستحق الطباعة والتسويق؟، هل تُساوي أرباح المبيعات تكاليف الطباعة؟، هل تجاوز المشاركون “48 داراً” إشكالات الورق والحبر وانقطاع الكهرباء وصعوبة تأمين الوقود اللازم لتشغيل الآلات، بوصفها عوائق حقيقية أوقفت دورة العمل بأكملها وامتدت نحو إغلاق مكتبات عريقة؟. أسئلةٌ تطرح نفسها إلى جانب صعوبات تتعلق بالشحن وإمكانية المشاركة في معارض عربية، ازدادت تعقيداً مع انتشار وباء “كورونا”، وإيقاف العديد من النشاطات الثقافية منها المعرض الدولي للكتاب.
وعلى سوداوية المشهد، فالأسوأ من كل ما سبق، ليس إلا غياب الجدوى كليّاً باكتفاء القارئ بالفرجة مع وصول أسعار الكتب إلى 75 ألف ليرة سورية.. رقمٌ يعادل المرتب الشهري لآلاف الموظفين والعاملين في مختلف المهن، ربما يساوي سعر وجبة غداء للبعض لكنه مصروف أسرة لا تمتلك دخلاً ثانياً، فمن سيشتري كتاباً سعره 35 أو 20 أو 50 ألف ليرة، بالتأكيد لن يكون هؤلاء من طلاب الجامعات أو المستأجرين في الأرياف أو من يستدينون لتأمين متطلبات المعيشة، فَلِمن أُقيم المعرض إذاً؟، بالطبع هذا الغلاء يمتد إلى كتب ومجلات الأطفال التي وصل سعر بعضها إلى 15 ألف ليرة، وهي عدة أوراق ملونة بقياس يطابق كف اليد مع “خشخيشة” أو “زميرة” متناهية الصغر، وهناك أرقام مضاعفة!.
يسأل أحدهم في استطلاع على فيسبوك عن الراغبين باستبدال الكتب القديمة المقروءة لديهم بأخرى قديمة أيضاً من قرّاء آخرين، أو إذا كان أحدهم يرغب بالتبرع بما قرأه لمن لا يملكون ثمن كتاب جديد.. يقترح البعض شراءً مشتركاً مع الأصدقاء أو مجموعات يرأسها شخص موثوق لتبادل الكتب وضمان الحفاظ عليها وإرجاعها في وقت محدد. محاولات للالتفاف على هامش الربح الكبير المخصص لدور النشر والمكتبات، والتي وجدت حلاً لمشكلاتها بالاستغناء عن القرّاء حسبما يظهر في الأسعار المُعلن عنها في معرض الكتاب السوري، هكذا تغدو زيارته مجرّد “جولة سريعة” يُبدي بها القراء إعجابهم بالأغلفة والمواضيع، ويذكرون بالخير آخر كتابٍ ورقي اشتروه.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار