منصات الأغاني
الضراء التي ندفعها عن هذا الجيل تتمثل بمنع التردي والانحطاط في تداول الأغاني على منصات التواصل بدءاً من أغنية “لفلك حشيش كيف بدي بعدك عيش ..” والتي انتشرت بين طلاب المدارس.. وانتهاء بأغنية “البس بس ..” ومابين هذا وذاك كلمات تخجل من ترديدها, أما بعد …
إن حالة التردي والهبوط في الأغاني الجديدة باتت تشكل فساداً للذوق العام ولجيل الشباب على الأخص والنتيجة كل يوم مطرب جديد يأتي ويذهب والأغاني الحديثة تستجدي توقيعاً من هنا أو هناك لتبث وتنتشر عبر بعض محطات الإذاعة والتلفزيون ضاربين عرض الحائط بذلك التراث القيِّم الذي نعتز به من رصيد الأغاني ومتجاهلين جهد الأصفهاني الذي أثبت أن الجمال من منبع واحد في كل العصور.
ترى لو أن صاحب «الأغاني» أبا الفرج الأصفهاني عاد إلى هذا الزمان ليختار من عصرنا ثلة من الأغاني لتوثيقها في كتابه التاريخي الثمين هل يمكن أن نتوقع ماذا يحدث..؟
لنبدأ من حيث وصلنا من الموسيقا الرقمية والأغاني الرقمية, لا بدّ سيدهش صديقنا من التطبيقات الجديدة التي تتيح لأي شخص الغناء من دون الشروط القديمة كالموهبة وقوة الصوت وسلامة نطق الأحرف, أغاني اليوم لا شروط عليها, حمّل التطبيق وأطلق لصوتك العنان ..
وقبل أن يستفيق الأصفهاني من الصدمة التقنية سيتلقى موجة جديدة من أغاني “الراب” والأغاني الشعبية والسريعة وطبعاً لن تكون لأصحاب هذه الأغاني أسماء لكثرة الإنتاج وضياع الحقوق وتشابه الكلمات والألحان والأصوات.
لكن الذي سيطيِّر عقل صاحبنا مستوى الكلمات الأشد هبوطاً من الألحان التي تدفعك إلى الهذيان والجنون..
أي حال مخجلة وصلت إليها أغانينا؟ وأين هي الهيئات المسؤولة عن الأغاني السورية؟ وهنا نذكر أننا في سنة 1948 أطلقنا «إذاعة حلب» التي أُسست وكان لها شأن كبير في انتشار الغناء السوري في العالم العربي، ونشر الموسيقا السورية والغناء السوري – اللبناني بين العرب، أضف إلى التأثير في الغناء المصري نفسه, والغناء المصري مدين- بلا شك- إلى الفنان السوري شاكر الحلبي الذي هبط مصر في سنة 1840، ولقن الفنانين المصريين أصول الموشحات والقدود التي كانوا يجهلونها إلى حدٍّ كبير، وأيضاً الشيخ علي الدرويش والشيخ عمر البطش الذي ألّف خانات تركها سيد درويش ناقصة في بعض موشحاته مثل «يا شادي الألحان» و«منيتي عز اصطباري». ولا ننسى ألحان أحمد أبي خليل القباني التي شاعت في مصر وبلاد الشام بعد وصوله إلى القاهرة في سنة 1884 مثل: يا مال الشام، يا طيرة طيري يا حمامة، يا مسعدك صبحية، صيد العصاري، وموشح «ما احتيالي». وما هو معروف أن عبده الحامولي وكامل الخلعي تأثرا كثيراً بالغناء الحلبي وانعكس ذلك بشكل واضح في ألحانهما، فضلاً عن سيد درويش.
ومادام في موروثنا الغنائي الكثير من الجمال فهل من المسموح ترك القباحة والتردي تحصل على تريندات في سباق الأغاني الرقمية ؟
الرجاء لاتنشروا هذا الهذيان !!