إصرار على التبعية
بعد إتمام صفقة الغواصات النووية مع أستراليا وسحب البساط تماماً من تحت أقدام الفرنسيين، ومن خلفهم الأوروبيون من المحيطين الهندي والهادئ، حاول الرئيس الأميركي جو بايدن إرضاء الأوروبيين المطعونين في الظهر من واشنطن من خلال اتصال هاتفي مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين متحدثاً عن عمق العلاقات بين الطرفين .
وقال البيت الأبيض في بيان: إن بايدن أكد دعمه للاتحاد الأوروبي الذي وصفه بـ (شريك أساسي للولايات المتحدة) كما رحب بايدن بتجديد التعاون مع الاتحاد الأوروبي، لمكافحة كورونا، فضلاً عن الترحيب بالخطوات المتخذة لمعالجة أزمة المناخ.
اتصال بايدن جاء عشية قمة سلوفينيا الأوروبية التي يعقدها أعضاء الاتحاد الأوروبي لبحث إستراتيجية الاتحاد على الساحة الدولية وفي أحد جوانبها استخلاص الدروس من السياسات الخارجية للولايات المتحدة.
الاستياء الأوروبي من معاملة واشنطن الإقصائية لم يترجم إلا من خلال التصريحات حيث بقيت أوروبا عاجزة تماماً، لا تمتلك القدرة على مجابهة واشنطن ولا القصاص منها لعدم اكتراثها بمصالح من يصنفون حلفاء، وعلى العكس تماماً واظبت واشنطن العمل في الخفاء لسلبهم أموالاً وصفقات بمبالغ هائلة.
التهديد الذي يشعر الأوروبيون به والغضب الدفين من ممارسات واشنطن ضدهم، جعلهم هذه المرة غاضبين لمدة أطول من المعتاد, ولكن رغم ذلك الغضب يدرك بايدن كما كل واضعي السياسات الأميركية أن الاتحاد الأوروبي يقف تحت مظلتهم وأن أي محاولة للغضب سيتم التعامل معها مباشرة وبالتالي تعود المياه لمجاريها في العلاقات سريعاً لعدم استقلالية القرار الأوروبي .
أما محاولة بايدن “استرضاء” الأوروبيين في الوقت الراهن وتخفيف حدة التوتر، لها خلفياتها التي لا يمكن إغفالها وأبرزها أن واشنطن تحتاجهم في عدة مجالات أو قضايا أهمها حالياً، مسار المواجهة التي تتخذه واشنطن ضد الصين ومحاولتها حالياً ضم الأوروبيين لهذا المسار، إضافة إلى قضايا أخرى تكلم عنها بايدن سابقاً ومنها التغيير المناخي الذي يحتل اهتماماً واسعاً في أجندته, وكذلك مكافحة وباء كورونا.
اهتزت ثقة (الأوروبي) بواشنطن وهذه ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة، لكن المستغرب تمسك أوروبا بدور التابع رغم قدرتها على لعب دور آخر.