محاكمة الفاسدين.. بث مباشر!
هل أصبحت القنابل اليدوية هي الحل؟! حيث شاهدنا مؤخراً استخدامها لحل الخلافات والمشكلات؟ هل بات خيار اللجوء إلى القضاء لحل المنازعات غير قادر على تحقيق العدالة؟ وهل أصبح القتل والاقتصاص شيئاً عادياً بسبب الشعور بالظلم أو عدم الجدوى؟! حيث شاهدنا على مواقع التواصل كيف تم التعاطي مع هذه الظاهرة بالاستهزاء والسخرية والتعجب بسبب عدم اتخاذ إجراءات تضع حداً حتى الآن، لاسيما بعد أن تكررت أكثر من مرة، وجاءت التعليقات على بعض التصريحات التي تقول: «إن هذه الظاهرة عابرة ولن تتكرر بالتساؤل ماذا تعني عابرة؟ ولماذا لم يتم التعاطي بجدية ومسؤولية وبإجراءات رادعة؟ فهل نتوقع بعد عدة سنوات استخدام الصواريخ والقذائف مثلاً؟!»
أفكار كثيرة كانت تجول بخاطري حول جهنم الفساد وما قد يقود إليه الشعور بعدم تحقيق العدالة في المجتمع، بينما كنت أتابع دراما أجنبية حول «القضاء»، حيث يقرر القاضي أن يتم بث المحاكمات على الهواء مباشرة ويترك للناس التصويت على الحكم الذي يطلقه.. ووسط ذهول الفاسدين وعلى غير ما يتوقعون يتم الإيقاع بهم رغم كل محاولاتهم للهروب من المسؤولية.. إنه مسلسل غربي مميز يتحدث عن القضاء ودوره في إحلال العدالة ولكن على مرأى ومسمع من الناس رغم معارضة الكثير من المسؤولين! وهذه المرة يتم استخدام وسائل التواصل للتفاعل والتصويت عن طريق تطبيق خاص من خلاله يصوت الناس ويترك لهم حرية اتخاذ القرار بشأن الفاسدين والمجرمين والمتنمرين بالموافقة أو رفض قرار وحكم القاضي؟
مثلاً في إحدى القضايا يتم استدعاء ابن وزيرة العدل بسبب اتهامه بالاعتداء على المواطنين واستخدام الألفاظ المسيئة وحتى الاعتداء بالضرب ولكن بسبب الضغوط ومنصب الوالدة يتم التنازل عن القضايا من قبل الذين يتم الاعتداء عليهم باستثناء شخص واحد رفض التنازل عن حقه ولجأ إلى القاضي، الذي قام بإنشاء محكمة لمحاكمة ذلك الشاب، لكن يتم تهديد الشخص بإخراجه من منزله وطرده من عمله، فيقوم مرغماً بالتنازل عن حقه في اللحظات الأخيرة التي تعني انتهاء المحاكمة وتبرئة الشاب! ولكن بسبب البث المباشر الذي يعتمده القاضي يتم سؤال المواطنين إذا ما تعرضوا للتنمر والإساءة من ابن الوزيرة؟!
وعن طريق التطبيق يقوم المواطنون بإرسال فيديوهات تؤكد للقاضي تعرض عدد كبير منهم للإساءة من قبل المتهم.. ورغم رفض النائب العام هذه الادعاءات بسبب عدم وجود شكوى رسمية إلا أن القاضي يتخذ قراراً بناءً على تصويت المواطنين بأن المتهم مذنب ويحكم عليه بالجلد ثلاثين مرة على أن ينفذ الحكم عبر البث المباشر، وبذلك ينجح البث المباشر في تمكين القاضي من التأكيد على أن القانون يجب أن يفرض وينفذ على الجميع من دون استثناء وهذا يعطي للمواطنين الشعور بالرضا بأن القضاء قادر على تحقيق العدالة ولا توجد حاجة لديهم باللجوء إلى أساليب وطرق أخرى. ولا يزال البث المباشر مستمراً تبعاً للحلقات الجديدة من المسلسل الذي بات يشكل تهديداً للفاسدين ومن يقف وراءهم، مبيناً كيف تكون الحال في وضعية البث المباشر والإعلام !.