الأخلاق أولاً
مع كل رياح تغيير إداري داخل كل مؤسسة، مهما عظم شأنها، تكثر التأويلات والاجتهادات من جهة أسباب هذه القرارات أو الدوافع والتبريرات التي دفعت لاتخاذها في أي إدارة.. فهذه هي حال مختلف مؤسساتنا في القطاع العام التي يتبين فيما بعد أن الفساد أو الهدر في المال العام وغيره هو أحد أسباب تردي واقع تلك المؤسسات، كما حدث في قطاع التجارة الداخلية وحماية المستهلك هذا القطاع الأكثر التصاقاً بلقمة المواطن وتفاصيل حياته اليومية.
في كل مؤسسة يتحدث فيها الأغلبية أن الواسطة والمحسوبية و«تمسيح الجوخ» لها الدور الأكبر في تعيين فلان من الناس لأنه «مدعوم» على حساب الكفاءات والشهادات أو الخبرات، في الوقت الذي يولي فيه المعنيون موضوع الإصلاح الإداري الأهمية القصوى، من جهة الكفاءات والاختصاص وسنوات الخبرة.
إذاً الاختراقات أكثر من أن تعد وتحصى في واقع مؤسساتنا، كأن يهبط شخص بـ«البراشوت»، حيث يتم فرضه أو بسبب الحاجة في ظل النقص الشديد بأصحاب الكفاءات، لكن يبقى السؤال: لماذا تقع الكثير من المؤسسات في كل مرة في فخ «المفاضلة»، أو في مطب الحاجة التي فرضت ذلك؟
بالتأكيد أن الإدارة على علم مسبق بأن هناك شاغراً سيفرغ بسبب انتهاء الفترة المحددة للخدمة أو بلوغه السن القانونية، أو لمجرد التغيير أليس من المفترض وجود بنك من المعلومات لدى كل مؤسسة عن السيرة الشخصية والمؤهلات والكفاءات لكل شخص عامل لديها، والأهم التركيز على أنه يتمتع بالأخلاق أولاً قبل الخبرات، لأن الأخيرة قد تكتسب بالعمل والممارسة اليومية، لذلك يجب التركيز على الأخلاق أولاً ثم المؤهلات، حتى يتم القضاء على الفساد المستشري في الكثير من تفاصيل مؤسساتنا بل حياتنا.. فهذا قد يعيد للمواطن ثقته بالإدارة والقطاع العام ككل، ولو بالحدود المعقولة مادام يوجد أناس كفوءين ويتمتعون بالنزاهة والأخلاق.