هل يحتاج الابداع إلى الترويج؟
هل نكتب لأنفسنا أم ليقرأ الآخرون معنا ويشاركونا الأفكار والرؤية؟
كنت أجلس في مكتبها وهي تضع بين يدي مصنفاً يضم مجموعة من بطاقات الدعوة الملونة، كانت هوايتها الغريبة والعجيبة، لكنها أيضا كانت فكرة مميزة وجميلة فإذا أردت الحديث معها عن الثقافة وهمومها فتحت لك أبواب دفاترها وأطلعتك على قائمة من العناوين والأنشطة الثقافية الرائعة ولا تملك إلا أن تفكر بكل هذه العناوين والأنشطة التي أقيمت في مراكزنا الثقافية وعلى مسارحنا وفي قاعاتنا العلمية، لكن لماذا لم نسمع بها أو نشارك بحضورها؟ أين كنا ولماذا لم تصلنا هذه البطاقات الجميلة؟!
هل توافقنا الرأي على أن أحد أسباب الإقبال الخجول على الثقافة من الكتاب إلى المسرح والموسيقا والمعارض التشكيلية وغير ذلك في بلدنا يعود الى إهمال جانب الترويج الإعلامي لها بدعوى أن الإبداع لا يحتاج إلى ترويج، ما ينعكس سلباً على التفاعل معها ويؤدي إلى فراغ ثقافي وابتعاد كبير عن الموروث الثقافي وترك فجوة تمكن المترصدين بمجتمعاتنا من التشكيك به.. واليوم هذا الغياب عن الفكر الذي يعدّ المقود للحركة الإبداعية في المجتمع والبوابة لاكتشاف المواهب وتشجيعها يستدعي الدعوة للاهتمام وتفعيل الدور التصاعدي للإعلام في الترويج ودعم التنمية الثقافية والبحث عن أوجه القصور لاستجلاء الأسباب والبحث عن الحلول.
ويبدو كأن المشكلة جمعية نجدها متراكمة أيضاً في عالمنا العربي، حيث يعاني المنتج الثقافي بمختلف أنواعه من مشكلات تسويقية كبيرة، وينعكس ذلك على معظم المؤسسات الثقافية الحكومية والخاصة ودُور النشر والتوزيع؛ ولذلك تتجه الأنظار حالياً في ظل الطفرة المعلوماتية، ومع التقدم التكنولوجي الكبير، وزيادة الاعتماد على وسائط التواصل الاجتماعي ومحركات البحث، إلى أهمية تفعيل دور التكنولوجيا في المجال الثقافي وتقصّي دور فاعل للإعلام في الترويج للثقافة.
ما أحوجنا الى تبادل المعرفة والتشارك في التفكير والاطلاع على التجارب الجديدة للشباب والتواصل معهم لبناء جسر ثقافي وحضاري يمكّننا من إعادة بناء الصرح الثقافي الذي يليق بتراثنا وقيمنا ويحمينا من ثقب العولمة الأسود.