السياسة الأمريكية تجاه سورية، وعلى الأقل خلال العقد الماضي، لم تتغير، فأمريكا لم تكن في يوم من الأيام تعمل أو تفكر في إيجاد حل أو المساعدة في تسهيله، بل تعمد إلى كل الأساليب والممارسات التي من شأنها إبقاء الأزمة متقدمة ومستمرة إلى أطول فترة, سبيلها إلى ذلك دعم الإرهاب والجماعات ذات الأحلام الانفصالية، وممارسات يومية تقوم على سرقة الثروات واستثمار الإرهابيين حسب مقتضيات الحاجة الأمريكية.
ولما بات الحديث عن سرقة النفط ودعم الميليشيات ورعاية الإرهابيين معروفاً للجميع، وكذلك عمليات الاختطاف والقرصنة التي تمارسها بحق الأهالي، فإنه لم يعد ذا وقع مفاجئ، بل أكثر من ذلك فإن عمليات نقل قيادات “داعش” الإرهابي باتت بحاجة إلى لجان إحصاء لكثرة ما أقدم الاحتلال على نقل إرهابييه.
في السياق قامت القوات الأمريكية المحتلة أمس الأول بنقل العشرات من عناصر تنظيم “داعش” المحتجزين في سجون ما يسمى “قوات سوريا الديمقراطية- قسد” بمنطقة القامشلي، إلى مقر القاعدة الأمريكية في الشدادي جنوب محافظة الحسكة.
ولكي تكتمل فصول المفارقة فإن مصادر من المنطقة تؤكد أن هذه العملية، تهدف إلى نقل هؤلاء الإرهابيين إلى مناطق أخرى بعد أن خضع إرهابيو “داعش” لفترات استراحة وإنعاش، برعاية القوات الأمريكية وحلفائها.
المصادر نفسها تقول إن “حوامتين أمريكيتين مخصصتين لنقل الجنود هبطتا في قاعدة الاحتلال الأمريكي في مدينة الشدادي بريف الحسكة الجنوبي، وكان على متنهما نحو 60 إرهابياً من تنظيم “داعش” تم جلبهم من سجن “نافكر” بمدينة القامشلي، بعد تطعيمهم باللقاحات المضادة لفيروس كورونا.
وحسب المصادر عينها فإن أغلب الإرهابيين الذين تم نقلهم يحملون الجنسيات العراقية والسعودية والتونسية، من بينهم متزعم ما يسمى “الشرطة” في دير الزور، ومتزعم “قطاع التعليم”، و”مسؤول السجون” في التنظيم.
أكثر من ذلك، تشير هذه الحقائق الشائنةإلى مسائل بدهية في السياسة الأمريكية، والمعروفة أنها لا تخضع عادةً لمزاج الإدارة هذه أو تلك، وبعيداً عن الدعايات الانتخابية، فهناك هامش لكل إدارة أمريكية جديدة يعطيها الحق للقيام بمهام وإنجاز سياسات يجب أن تكون بالضرورة متوافقة تماماً مع السياسة الأمريكية العامة والخارجية، ففي علاقات أمريكا وتوجهاتها وممارساتها، يجب ألا نتوقع تبدلات جذرية، ومن هنا فإن ما تقوم به القوات الأمريكية ينسجم مع الاستراتيجيات التي تستثمر في الإرهاب، وينسجم مع العلاقة العضوية الراهنة بـ”داعش”، ليس هذا فحسب بل تعمل الإدارات الأمريكية لأبعد من هذا، في إبعاد زعامات الإرهاب الحالية عن أي ملاحقات أو إدانات في جرائم حرب تم ارتكابها وتوثيقها، شأنها بذلك شأن قوات الاحتلال الأمريكي نفسها، وحتى بعض الميليشيات التابعة أو الجماعات الإرهابية الأخرى التابعة لأطراف عربية أو إقليمية.