يوم مختلف
تبتسم السيدة الطيبة وهي تزيح الستائر وتمدّ يديها لتفتح النافذة وتستنشق هواء الصباح المنعش تلفح وجهها البرودة والرطوبة وتنظر إلى البعيد يبدو كأن ثمة سرباً كبيراً من العصافير المهاجرة تسبح في السماء، لقد جاء الخريف.
تتطلع إلى شجيرات الزيتون في الحديقة المقابلة ولكن الرؤية تبدأ بالتشويش، تتداعى أمام عينيها الكثير من الأحداث التي جرت أمس، لقد طلب منهم صاحب البيت مغادرته أو مضاعفة سعر الإيجار ليصل إلى مئتي ألف ليرة شهرياً وهي وعائلتها بالكاد كانت تدفع إيجار المنزل، ذي الغرفتين الصغيرتين والمطبخ الذي بالكاد يتسع لشخص واحد، مئة ألف ليرة، لقد تشاجر زوجها مع ابنها بعد أن طلب من الشاب المتخرج حديثاً في كلية الهندسة إيجاد أعمال إضافية والمساعدة في مصروف البيت، ورفض الوالد مجرد فكرة خطبة ابنه على زميلته فكيف يتسنى لهما التفكير بالارتباط في هذا الظرف الاقتصادي الصعب؟! وهل ينقصهم المزيد من المصاريف على الخطبة والخطيبة؟! لقد ارتفع السكر عند الزوج وخرج الشاب غاضباً ونام عند صديقه! وهي كانت تحاول تهدئة الجميع لكن قلبها كان يغلي كالمرقد خوفاً من تصاعد حدة الأمور.
استجمعت السيدة قوتها وبدأت تنظر إلى البعيد.. إن الحل الوحيد هو إعادة ترميم بيتهم بدلاً من الاستمرار في دفع الإيجار ولربما تستطيع الحصول مع رخصة الترميم على موافقة لتوسيع غرفة الغسيل على السطح وبناء مطبخ وحمام صغير يكون بداية لحياة زوجين شابين.. الحياة فرصة جديدة ويبدو هذا اليوم مختلفاً، لقد قدمت منذ فترة على قرض بغرض الترميم وهذا الصباح اتصل المصرف وطلب استكمال الأوراق بعد الموافقة على الطلب..
كتبت رسالة نصية لزوجها ونسخت الرسالة إلى ابنها وضغطت على زر إرسال: «يوم جديد، لفرصة جديدة، لحياة جديدة، لطاقة مملوءة بالتفاؤل.. ابتسموا.. لربما اليوم يكون مختلفاً عن كل يوم».