وسط أجواء من التجاذبات الإقليمية وما يدور على الساحات الدولية من أحداث، تحتضن العاصمة العراقية بغداد مؤتمراً دولياً تحت عنوان “التعاون والشراكة” .
وإذا كان من السابق لأوانه الحديث حول ما سوف يخرج به المؤتمر وعما سيناقشه المؤتمرون، ولكن حضور بعض الأطراف الإقليمية والدولية المعروفة بدورها البعيد كل البعد، عن عنوان المؤتمر يثير علامات استفهام كبيرة .
المؤتمر المذكور سوف يبحث مجموعة من الملفات الأمنية والسياسية والاقتصادية. وهنا لابد من القول إن كل واحد من هذه الملفات يحتاج إلى مؤتمر، بالنظر إلى حجم ما يحصل ليس على مستوى المنطقة العربية والإقليم ولكن على مستوى العالم .
إن المصلحة العربية أن يأخذ العراق الشقيق دوره ويستعيد عافيته, ويكون له حضوره ليس على المستوى العربي فقط بل على المستوى الدولي، فالعراق القوي والمعافى مصلحة عراقية وعربية، ومن هنا فإن مشروعية طرح التساؤلات تتعلق بالنتائج والرغبة أن تكون على مستوى خطورة ما يحدث فقط.
كما أن المصلحة العربية تتجلى في دعم الحكومة العراقية وتأكيد إعادة دور العراق السياسي في المنطقة، لأن العراق يمكنه أن يخلق جسراً للتواصل والتعاون والتكامل الشامل، مع جميع دول المنطقة.
المؤتمر -وكما يرى مراقبون- حدث مهم ليس للعراق فقط، بل للمنطقة كلها.
لكن ثمة تحديات كبيرة في المنطقة ولمعالجتها، كان لابد من حضور ومشاركة جميع الأطراف المعنية من دون استثناء، لأن الجميع معنيون بما يحصل، ولا بديل من التعاون على أرضيات واضحة للتكاتف لمواجهة التحديات.
بين العديد من الأطراف المشاركة في مؤتمر بغداد خلافات عميقة وجوهرية ربما ستُنحى جانباً، ويعرف المشاركون الدور السلبي لغير طرف مشارك في المؤتمر، دور لم يتوقف يوماً ومستمر إلى لحظة كتابة هذه السطور، فهل سيضع المؤتمر هذه الأطراف أمام مسؤولياتها عما يحصل في المنطقة؟
على أي حال المؤتمر الذي سيناقش قضايا تتعلق بالأمن ومكافحة الإرهاب لا يشكل ميزان نجاحه مستوى التمثيل، كما لا يشكل نجاحه العناوين الكبيرة، بقدر ما يتعلق الأمر برؤية موحدة قابلة للتطبيق والدعم من جمع الدول المعنية بخصوص موضوع الإرهاب والتدخل من بعض الأطراف في شؤون الدول الأخرى، إذا ما تم هذا الأمر، عندها فقط تتجلى أهمية هذا الحضور والمشاركة .
إن الوصول إلى أرضية تفاهمات بينية قبل هذا المؤتمر، كان من شأنه أن يعطي دفعاً أكبر لأي نتيجة يمكن الوصول إليها، فما تعاني منه المنطقة والعالم والعراق على وجه التحديد قد يكون كبيراً ويتطلب ترسيخ مناخات توافقية لضمان الوصول إلى نقاط قابلة لتملس نتائجها.
ما تعرضت له سورية والمنطقة خلال السنوات الماضية من حرب إرهابية، كان من دون أدنى شك مدعوم من أطراف عديدة تشارك حالياً في “مؤتمر الأمن والتعاون”، بهدف تفتيت دول المنطقة، والنيل من استقلالها وسيادتها، كما يهدف إلى إنهاء الصراع مع العدو الإسرائيلي، وحرف البوصلة باتجاه آخر بما يحقق مصالح أعداء العرب.
وعليه لا يمكن أن يكون داعمو الإرهاب، شركاء في “التعاون والشراكة” أو يعول عليهم، وتالياً على ما سوف يخرجون به من قرارات تعنيهم فقط، خاصة إذا كانت تمس سيادة واستقلال دول دفعت غالياً فاتورة الحرب على الإرهاب كما هو حال سورية وشعبها..