أوقفوا نزيف الهجرة
بعد انتظار طويل أمام باب الهجرة و الجوازات، حصل عامر على جواز سفره ، ليلقي نظرة سريعة على كل الاتجاهات كأنه يخزّن كل تفاصيلها في ذاكرته، كأنه يودّع الشام إلى غير رجعة، بالتأكيد لم يكن قرار الهجرة لعامر سهلاً لكن بعد أن ضاقت سبل الحياة أمامه بسبب الحرب على سورية قرر السفر لعلّه يجد ضالته هناك في بلاد الغربة، ويحقق أحلامه.. واقع الشاب عامر، هو مشكلة كل شبابنا في تأسيس مستقبل واضح الملامح ..
موجع جداً مشهد الازدحام لعشرات الشباب, أمام باب الهجرة والجوازات لإنجاز جوازات للسفر باتجاه الغربة , كما هو موجع سماع خبر عبور عدد منهم للحدود باتجاه بلد آخر , في الوقت الذي تتعالى فيه أصوات لدعوة الشباب المهاجر بالعودة للبلد, نزيف هجرة الشباب لم يتوقف يوماً وخاصة من أصحاب الكفاءات العلمية الذين هم أساساً الرأسمال البشري في أي بلد .
لا يخفى على أحد أن هذا النزيف هو من تبعات الحرب الإرهابية على بلدنا، إذ أصبح هاجس كل شاب البحث عن سبل حياة أفضل وأكثر أماناً, بصرف النظر عن ماهية الظروف التي تنتظره، أو حتى الصقيع ومرارة الفراق والابتعاد عن ذويهم ..لأن السواد الأعظم يعاني شعوراً بالغربة داخل بلده بسبب مرارة الحياة المعيشية حتى إن الأحلام وقفت عند حدّ تأمين رغيف الخبز..! فكيف بتأمين تكاليف ما يشبه الحياة ..؟!
إذاً نحن أمام مشهد يشي بالخطورة للواقع الراهن من هجرة شبابنا، وتالياً تفريغ البلد من كوادره والقوة الاقتصادية والخبرات, فهل تعمل الجهات المعنية على اتخاذ ما يلزم من تشجيع وتقديم فرص العمل التي تثبّتهم لتأمين الحد الأدنى من مقومات الحياة, بدلاً من عقد المؤتمرات التي تنتهي بانتهاء تصوير الكاميرات, لتحبس توصياتها في الأدراج إلى المناسبات المتكررة .. ونترك شبابنا الذين تكلّفت عليهم الدولة ملايين الليرات، لترسلهم لبناء اقتصاد دول تعمل مسبقاً لاستقطابهم واستثمار قدراتهم (عالجاهز) , في حين يقضون سنوات عمرهم في صقيع الغربة والحنين للبلد.