تحتل شجرة الزيتون المرتبة الأولى بين الأشجار المثمرة في محافظة طرطوس، سواء من حيث عدد الأشجار أم المساحة المزروعة، لتكون في المرتبة الثالثة على مستوى سورية في الإنتاج بعد إدلب وحلب، حيث وصلت المساحة الإجمالية المزروعة بأشجار الزيتون إلى 83,60% من مساحة زراعة الأشجار المثمرة ككل، وبنسبة 63,70% من عدد الأشجار المزروعة، ويقدر عدد العائلات المتعيشة من إنتاجه بأكثر من مئة ألف عائلة.
إلا أنه – وخلال السنوات الأخيرة – تراجعت إنتاجيتها إلى أقل من النصف بالرغم من الزيادة في عدد الأشجار وازدياد اهتمام المزارعين بها.
«تراجع»
أكد محمّد عبد اللطيف رئيس دائرة الأشجار المثمرة أن الإنتاج المتوقع من ثمار الزيتون للموسم الحالي / 50458/ طناً – حسب التقديرات الأولية – تنتجه 11,140 مليون شجرة، المثمر منها 10,5 ملايين شجرة مزروعة في مساحة 75426 هكتاراً، في حين وصل الإنتاج في العام 2019 إلى 91,8 ألف طن، وكان العدد الكلي للأشجار المثمرة 11,5 مليون شجرة، المثمر منها 10,5 ملايين شجرة بمساحة 75421,1 هكتاراً .
من قراءة الأرقام السابقة يلاحظ عدم تراجع المساحة المزروعة والعدد الكلي للأشجار، ولكن يلاحظ تراجع في الإنتاجية قياساً بالسنوات السابقة، ويعود السبب إلى قلة اليد العاملة في الزراعة، وغلاء مستلزمات الإنتاج من أسمدة ومبيدات وغيرها، وقلة الطرق الزراعية الواصلة إلى أغلبية أراضي المزارعين الموجودة في المناطق الجبلية والوعرة ما يؤثر في قدرة المزارعين على خدمة أراضيهم الزراعية بشكل مناسب، ومن الأسباب أيضاً الظروف المناخية التي مرت على سوريّة، وطرطوس بشكل خاص وارتفاع درجات الحرارة والرطوبة ودفء درجات الحرارة شتاء ما أدى لانتشار الآفات الحشرية الرئيسة مثل: عتة الزيتون وحفار التفاح ومرض تبقع عين الطاووس وسل الزيتون وعفن الثمار وغيرها.
وأضاف المهندس عبد اللطيف بأن مديرية الزراعة تقوم بتنشيط زراعة هذه الشجرة من خلال تأمين غراس زيتون سليمة وبالأصناف المطلوبة عن طريق المشاتل بأسعار رمزية للمزارعين، كما تقوم بنشر تعليمات تطبيق برامج الإدارة المتكاملة لأهم الآفات التي تصيب هذه الشجرة من خلال مراقبة هذه الآفات مثل استخدام المصائد الفرمونية والجاذبة لمراقبة ومكافحة حشرات ثمار الزيتون، وتقديم المواد الجاذبة للمراقبة مجاناً للمزارعين الراغبين بمكافحة هذه الحشرة في بساتينهم .
مكافحة
من جهته أكد المهندس حسن حمادة رئيس دائرة الوقاية أن المديرية قامت بتنفيذ حملة مكافحة ربيعية مجانية لمرض تبقع عين الطاووس للمزارعين وبلغت المساحة المكافحة خلال هذه الحملة/1790/ هكتاراً، إضافة إلى إيصال برنامج إرشادي شهري للمزارعين يشرح كيفية خدمة شجرة الزيتون والإجراءات الواجب اتباعها بشكل شهري وتنفيذ ورشات عمل ودورات تدريبية لتطبيق برامج الإدارة المتكاملة لهذه الآفات والإجراءات الواجب اتباعها بشكل شهري وتنفيذ ورشات عمل ودورات تدريبية لتطبيق برامج الإدارة المتكاملة لهذه الآفات.
هموم المزارعين
أكد المزارع علي علي من قرية الحداديات أنه لا يوجد موسم حمل لأشجار الزيتون الموسم الحالي في ريف صافيتا بسبب الأحوال الجوية السيئة أثناء فترة عقد أزهار الزيتون وضعف الخدمة لشجرة الزيتون، الأمر الذي أدى إلى ضعف عقد الأزهار، وما زاد الوضع سوءاً أن المزارعين المنتجين للزيت بدؤوا برفع أسعاره ليصل سعر (بيدون) الزيت وزن /18/ كغ إلى /250/ ألف ليرة للنوع الجيد وإلى /225/ ألف ليرة للنوع الأقل جودة و/215/ ألف ليرة للنوع الوسط.
المزارع محمود محمد من منطقة الدريكيش قال: الموسم الحالي لا يبشر بالخير، نملك أكثر من ألف شجرة زيتون ما بين معمرة وحديثة العهد جميعها في سن الإثمار، لكن إنتاجيتها تراجعت إلى أقل من الثلث وهذا الأمر عائد إلى الظروف الجوية الصعبة التي مرت على المحافظة من رطوبة وارتفاع في درجات الحرارة وإلى انتشار ذبابة الزيتون وعين الطاووس، وضعف الخدمة لشجرة الزيتون واعتبارها شجرة حراجية لدى أغلبية المزارعين , وتالياً لا تحتاج إلى الخدمة والعناية.
أقل من الربع
محمود ميهوب رئيس اتحاد الفلاحين في طرطوس أكد أنه وخلال السنوات السابقة، تراجعت إنتاجية شجرة الزيتون بسبب الظروف البيئة المناخية السيئة، وتقلصت أعداد الحيوانات التي تؤمن نوعاً من الأسمدة، فبدأ الفلاحون بالاعتماد على الأسمدة الكيماوية التي تستهلك بسرعة خلال الموسم الواحد، إضافة إلى الحالة الاقتصادية السيئة للفلاحين من ناحية، وعدم إمكانية تصريف الإنتاج من ناحية أخرى، وارتفاع تكلفة جني المحصول.
وأضاف رئيس الاتحاد أن موسم الزيتون الحالي تراجع إلى أقل من الربع والاعتقاد القديم السائد في الساحل السوري، حيث تعامل شجرة الزيتون معاملة الشجرة الحراجية في الوقت الذي تحتاج فيه إلى خدمات زراعية وتربية وغيرها.
«قلة الخدمات»
المهندس رفعت عطا الله خبير بزراعة الزيتون ورئيس دائرة الإنتاج النباتي في مديرية الزراعة سابقاً قال: تعد إنتاجية شجرة الزيتون ضعيفة في طرطوس مقارنة مع عدد الأشجار القائمة، والأمر عائد لعدة أسباب منها أن الأشجار لم تحصل على درجات الحرارة المناسبة، فمعظم أشجار الزيتون في المحافظة من أصناف الدعيبلي والخضري وهذه الأصناف تحتاج إلى أربعمئة ساعة برودة وهذه لم تتوفر في طرطوس للموسم الحالي بسبب الظروف الجوية، وقلة الأمطار المتساقطة في المحافظة، كما لعب انخفاض درجات الحرارة في شهر آذار (مرحلة الإزهار) دوراً سلبياً، فقد وصلت درجة الحرارة إلى +2 درجة مئوية، الأمر الذي أثر في نضج حبات الطلع وعقد الإزهار، إضافة أن الصفة الوراثية التي لا يمكن التقليل منها، وتكون المعالجة بتقديم خدمات مكثفة لهذه الزراعة في المرتفعات الجبلية.
ومن الأسباب أيضاً التراجع في عمليات الخدمة المقدمة للشجرة من «تقليم، تسميد، مكافحة»، خاصة الأسمدة المصرفية مثل: سوبر الفوسفات وسلفات البوتاسيوم واليوريا مع عدم توفرها في المصرف الزراعي، وارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج، وتراجع التربية المنزلية للأبقار والماشية ما أثر سلباً في تقديم الأسمدة العضوية وقلة الخدمة من حيث العمالة، حيث لا توجد إمكانية لتقديم الخدمات بالشكل الأمثل ضمن الظروف الحالية للمزارعين.