أفغانستان.. خلط للأوراق
تشي الأحداث المتسارعة في أفغانستان بعملية كبرى لخلط الأوراق، لم يعرف بعد من يحركها لأن المصالح قد تشابكت واختلطت، بما يتناسب مع إبقاء الوضع المتوتر بالأصل على حاله، ربما حتى تتضح مطالب وشروط الأطراف كافة.
ماذا يراد من أفغانستان دولياً؟ الأمر لا يزال غير واضح المعالم، فاللعبة هناك يتوافر في ساحتها وقريب منها القوى العظمى جميعها “أمريكا وروسيا والصين والهند” والجميع يتمنى من الآخر التورط، فلا تزال كل دولة في غموضها من ما يجري، لكن التوجس من القادم “طالبان” يصيب الجميع في حيرة وذهول، فالتجارب العسكرية السابقة في هذا البلد، تمنع حتى القوى العظمى من إبداء آراء تنتقد “طالبان” بشكل مباشر.
من المؤكد أن حالة عدم اليقين هي المسيطرة، فالهجمة الأولى لـ”طالبان” تمددت بسرعة تجاوزت مواقف الدول المعنية، فوضعت الولايات المتحدة الأمريكية التي تدعم الحكومة الأفغانية في حرج شديد، بينما استعدت روسيا وهي تراقب عن قرب للدفاع عن حلفاء لها قد يصيبهم أي ضرر من الواقع الجديد في آسيا الوسطى، والصين معنية وإيران معنية والهند أيضاً، لكن يبدو أنهم يفضلون مقاعد المشاهدة حتى الآن، وترك واشنطن تنال نصيبها مما صنعته لعقود بهدف ضرب الأمن في وسط آسيا.
جعل أفغانستان ساحة للعب الدولي أمر وارد، فالمعطيات تقول إن هناك مرتزقة وجماعات وفلولاً إرهابية ومنها “داعش” ارتبطت بدول، وأصبحت عبئاً لتنفيذ اتفاقات دولية في ساحات مختلفة، والآن يجب التخلص من هذه الجماعات، فتولي تركيا عضو “ناتو” تأمين المطار الدولي بالعاصمة كابل بعد “الانسحاب” الأميركي، لا يبدو بعيداً عن ذلك لما لها من باع طويل في التعامل مع عملية تدوير الإرهاب حسب المتطلبات الأمريكية.
رغم كل ذلك فالأسئلة مباحة، من أين وكيف يصل السلاح لـ”طالبان”؟ ولماذا لا يسلح الجيش الأفغاني بالمناسب من السلاح؟ أسئلة مشروعة يبقى الجواب عليها رهناً للوقت أو لحدث دولي استثنائي قد لا يأتي.