أول عشرة ملايين يورو ستدفعها الرئاسة الماكرونية كغرامة على تقاعسها في تخفيض نسبة تلوث الهواء في البلاد، وإذا ما استمر التقاعس فإنها ستدفع عشرة ملايين أخرى بعد ستة أشهر.. وفي كل ستة أشهر ستدفع المبلغ نفسه إذا لم تتحسن جودة الهواء الذي يتنفسه الفرنسيون والذي يتحمل ماكرون وسياساته المسؤولية عنه حسب القضاء الفرنسي.
وحسب حكم الغرامة الذي صدر بحق الرئاسة الفرنسية أمس الأربعاء فإن هذه الرئاسة لم تكد تفعل شيئاً حيال مسؤوليتها تجاه الفرنسيين وصحتهم لذلك وجب معاقبتها وتغريمها.
ولأن الشيء بالشيء يذكر، قد يكون من المتوجب على القضاء الفرنسي معاقبة رئاسة ماكرون على «التلويث» في كثير من القضايا التي تخص مواطنيها، ومنها تلويث سمعة بلادهم وزجها في سياسات خارجية لا تجلب لهم سوى الكراهية.. وأكثر من ذلك تجلب لهم قلة القيمة والهيبة بين الدول، بمعنى أن هذه الرئاسة لا تكاد تفعل شيئاً إلا ويُسيء إلى الفرنسيين وبما لا يحسن من صورتهم، ليس فقط خارجياً بل أمام أنفسهم، حيث إن الاحتجاجات لا تكاد تتوقف ضد ماكرون وسياساته، حتى فيما يخص فيروس كورونا وإجراءات مواجهته… هنا أيضاً رئاسة ماكرون متهمة بتلويث حياة الفرنسيين وعرقلتها حتى على مستوى ارتيادهم حديقة عامة، فهم حسب سياسات ماكرون لا بد وأن يخضعوا لـ«تحقيق صحي» لإثبات عدم إصابتهم بفيروس كورونا، قبل أن يفعلوا أي شيء في حياتهم، وقبل أن يتوجهوا إلى أي مكان.
عشرات آلاف الفرنسيين ينزلون يومياً إلى الشوارع يطالبون بـ«سجن الديكتاتور» أي ماكرون، لكن هذا الأخير يحافظ على خطابه وكأنه يعيش خارج الزمن، رافضاً الاعتراف بأن فرنسا في عهده بلغت حضيض الحضيض، حتى أن ذكرها لا يكاد يأتي إلا في إطار الاحتجاجات المتواصلة أو في إطار كورونا، أو في إطار تبعيتها، أو إخفاقها في حجز مكانة لها بين أقرانها الأوروبيين (ألمانيا أو بريطانيا على سبيل المثال) الذين يقرع ماكرون أبوابهم عله يجد عندهم «بعض مكان» لرئاسته وبما يظهرها أمام مواطنيها أنها فعلت شيئاً على مستوى تحسين صورة البلاد بعد سنوات من السياسات الفاشلة والمتخاذلة.
حسب مجريات رئاسة ماكرون، يبدو أن الفرنسيين لن يجددوا له في حال قرر الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة في شهر نيسان المقبل، وفق مقولة «تجريب المجرب» وسيبدو من الغباء من ماكرون (ومن حزبه) أن يترشح لها، لكنه قد يفعل، بل هو سيفعل حسب المراقبين، إذا ما أخذنا بالاعتبار أنه يعيش خارج الزمن، ويرى في نفسه الرئيس الأفضل لفرنسا، ولا يرى ذلك الخراب الذي راكمه على خراب سابقيه لتغدو فرنسا كلها خارج الزمن.