إيران والغرب
لا تقلّ تحدّيات المرحلة الإيرانية الجديدة عن التحدّيات السابقة، ولاسيما في سياق الاتفاق النووي ومحادثات فيينا، إذ إن مع بداية الرئاسة الجديدة يترقّب الغرب المعنيّ بالاتفاق مع أمريكا التوجّهات والسياسة الإيرانية الجديدة، وطريقة وآلية استئناف تلك المحادثات من حيث توقفت.
لا يختلف عاقلان على أن المرحلة المقبلة متجهة نحو التصعيد، ليس عسكرياً، بل سياسياً، ليس لأن إيران تريد ذلك، فالتوجّهات الإيرانية واضحة للجميع، وسياسة الصبر الإستراتيجي هي الأساس، لكن لأن الغرب وخاصة أمريكا لايرغبون في تهدئة الأوضاع، والمراقب للمعطيات منذ توقيع الاتفاق يدرك ذلك.
هذه المعطيات تتمثل في سياسة المناورة التي يتبعها الغرب، إذ إنهم لو كانوا يريدون الاتفاق فعلياً لما احتاج الأمر ست جولات من المفاوضات من دون التوصل إلى شيء وانتظار الجولة السابعة، وربما لن يتم التوصل إلى نتيجة، لأن الهدف الغربي- الأمريكي هو إدخال البرنامج الصاروخي الإيراني ودورها الإقليمي في أيّ مفاوضات، لإرضاء الكيان الصهيوني الغاصب الذي يخشى أي اتفاق لا يتضمن برنامج إيران الصاروخي، وطهران ترفض ذلك فثوابتها وسياستها واضحة، بمعنى لن تمضي باتفاق تكون نتيجته لحساب الكيان الصهيوني.
القضية ليست فقط في الاتفاق أو عدمه، أو انسحاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب منه وعودة خلفه جو بايدن، فالسياسات الأمريكية مرسومة مسبقاً من الدولة العميقة، وترامب أو بايدن هما أدوات مرحلية للتنفيذ، لذلك، فإن محاولة إحياء الاتفاق النووي من الغرب هي للمماطلة واللعب في الوقت بدل الضائع لاستنزاف إيران إلى أبعد الحدود، مع مواصلة الضغوط ليس اقتصادياً فقط بل كذلك إثارة القلاقل والدخول على خط الأزمات الداخلية التي يعانيها الكثير من البلدان واستغلالها واللعب على وترها.
إيران اليوم ليست بالطرف الهيّن، والغرب أثبت أنه ليس مصدر ثقة ولا يمكن انتظار نتائج إيجابية منه ومن ثمّ لا يعول عليه، كما أن الرضوخ للضغوط بكل أشكالها لم يكن وارداً مسبقاً من طهران، حتى يرد راهناً، وعليه لن ترضى طهران بأقل من رفع العقوبات وإنهاء الحظر على نحوٍ كامل من دون قيد أو شرط، ثم إن الظروف الدولية تغيّرت، والعلاقات الإيرانية اتسعت، وبات سهلاً إيجاد قنوات اقتصادية بديلة تتجاوز الحصار والعقوبات.