الجلاد وحقوق الإنسان
لا يبدو أن الساسة في أمريكا ينظرون لأنفسهم من خلال مرآة تاريخ بلادهم كثيراً، قبل التحرش بالدول من خلال “سبطانة” الديمقراطية وحقوق الإنسان، فذلك التاريخ الأسود للولايات المتحدة الأمريكية، يرتد على العالم وباء من المواعظ والدعوات الباطلة بحماية حقوق الإنسان، فخارجية الصين، على حق عندما تقول: إن أمريكا ليس لديها الحق في وعظ الصين حول الديمقراطية وحقوق الإنسان.
لأمريكا سجل حافل في الإبادات الجماعية من السكان الأصليين، إلى كل بقعة جغرافية وطأتها أقدام جنودها الغزاة، من فيتنام إلى أفغانستان والعراق فسورية ودول في أمريكا اللاتينية وغيرهم.. سرد التاريخ ليس غاية بحد ذاته، بقدر تلمس ميزان الحق، وهل يحق لواشنطن أن تطلب من الآخرين تنفيذ معاييرها حول حقوق الإنسان؟.
التاريخ قد يعطي شهادات مزورة في حال توجيه “سبطانات” المدافع وحاملات الطائرات إلى رؤوس الضحايا الضعفاء، لكن في حالة الصين التي ليست كغيرها، والتي أيضاً لديها قوتها ومخالبها التي تخشاها واشنطن، على أمريكا انتقاء مفرداتها والاهتمام أكثر باللباقة الدبلوماسية.
قبل الصراخ والادعاء بحماية الديمقراطية وحقوق الإنسان يجب أن تجيب واشنطن وتعترف للعالم، أي قاموس للإنسانية قرأت به؟، حتى “شرعت” لنفسها استخدام الأسلحة النووية على اليابانيين واستخدام النابالم والمواد الكيميائية على الفيتناميين والعقوبات الاقتصادية التي قتلت الآلاف من أطفال العراق وسرقة القمح السوري، إضافة إلى كل ذلك إيقاظ العنصرية في مجتمعها بين الأعراق المكونة لأمريكا .. كل ذلك في سجل الإبادات الجماعية لأمريكا، وتلك المآسي مضعفة للبشرية لأن واشنطن تستمر بنكرانها. أي التعويض المعنوي للضحايا.
الكذب ملح المتغطرس، به دمرت أمريكا العراق وقبلها قصفت عدة دول لأجل لفت انتباه العالم عن فضيحة أخلاقية لرئيسها، بلا أدنى محاسبة دولية، لأنها هي من يفرض القوانين الدولية، ليس من أجل أن تنفذها بل من أجل أن تحيلها إلى سيف تضرب به الدول التي لا تسير في ركبها .. العالم ليس بخير عندما يحاضر الجلاد بحقوق الإنسان.