سورية الموقع والموقف
ثبت بالوقائع أن دوائر غربية وإقليمية عجزت عن فرض رؤيتها وحلولها التي تناسبها و”إسرائيل” لملفات إقليمية جوهرية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، بسبب الموقف الثابت لسورية من قضايا المنطقة، المستمد قوته من حقائق جغرافية وتاريخية.
لقد سعت تلك الدوائر” لتحجيم” دور سورية الإقليمي وتأثيرها الدولي من خلال دعم الإرهاب تحت ذرائع واهية، ثبت بطلانها مع الأيام التي كشفت الستار عن غاية هذا الدعم الغربي والرجعي العربي اللا محدود للإرهاب مع تعدد مسمياته، والهدف الذي تمثل بتمرير “اتفاقيات التطبيع” بعد إشغال سورية بالحرب على الإرهاب.
انشغلت سورية بدحر الإرهاب الدولي عن أرضها، وتحت ضباب الإرهاب الذي عم المنطقة تمت “عمليات التطبيع” مع الكيان الإسرائيلي، ليتبين أن هدف هذه الضغوط والحرب العدوانية بالإرهاب على سورية، هو إيجاد بيئة مناسبة للتقارب مع “إسرائيل” ترفع عن محور “الاعتدال العربي” الحرج، ورغم ذلك فإن ما جرى لا يعدو أن يكون حبراً على ورق، فالشعوب العربية التي تم إشغالها بلقمة عيشها لا تزال عند وعدها لفلسطين “قضيتهم وبوصلتهم” وعليهم راهنت سورية، لأنها أدركت منذ البداية تاريخ المنطقة التي ترفض الاستعمار.
في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على الفلسطينيين ثبت صوابية خيار سورية المبدئي الذي يلخص بالقول “ما يؤخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة”، فدعم سورية للمقاومة هو أساس الانتصارات التي تحققت على أعداء المنطقة.
الدور السوري في المنطقة ليس خاضعاً للظروف الآنية، بل مرتبط بموقعها الإستراتيجي ودورها السياسي الذي أنيط بها عبر التاريخ، فدورها يعود أقوى مع انتصارها على مؤامرة ضخ فيها ولأجل القفز عن موقع سورية ورسم خريطة المنطقة دونها مئات المليارات من الدولارات، وأغلبها من عرب النفط والغاز وسمسرة وارتزاق تركي واضح لا يزال يقامر في الشمال السوري لتلقي فتات أمريكي وعطف صهيوني، ورغم كل ذلك فدور سورية الإقليمي لا يمكن تخطيه.
لسورية موقفها كما موقعها لا يمكن القفز أو الحياد عنه، وأي حلول لا تراها عادلة لا يكتب لها النجاح، فمشاركتها محورية في قضايا المنطقة ورؤيتها هي التي يكتب لها النجاح، فبعد عقد من حربها على الإرهاب، الذي جاء كرد على دورها وثبات موقفها الداعم للمقاومة في المنطقة، تعود لدورها الإقليمي مع فارق أن الحلفاء والخصوم أصبحوا أكثر وضوحاً.