تكاليف السفر (الخيالية) ..!

ضربت أم محمد أخماسها بأسداسها معلنة لأسرتها (العجز)، وبعد حذف المزيد من الاحتياجات الضرورية من قائمة السفر، وجدت أنه من المستحيل تأمين تكاليف السفر المقرر إلى قريتها البعيدة في إحدى المحافظات، فأجور السفر وحدها تقصم الظهر بل بات تأمينها ضرباً من الخيال، حال أم محمد حال أغلبية الأسر من ذوي الدخل المحدود الذين يعانون الأمرّين في كل تفاصيل المتطلبات اليومية.
ولأن السفر في مناسبات الأعياد تحديداً بات أشبه بطقس جماعي للأغلبية وخاصة سكان العشوائيات، التي تكاد تفرغ من ساكنيها في مثل هذه المناسبات، حيث يحملهم الحنين إلى ذكريات الأرض التي ربتهم والهواء الذي ينعش أرواحهم، والتي أجبرتهم الظروف وضيق سبل العيش للاتجاه نحو المدينة ..
هذه الصورة من استنفار الناس للسفر تطرق ذاكرتي في كل مناسبة عيد، لتعيد لي ذكريات كانت موشّحة ببقايا فرح حيث الوفرة في كل شيء ولقاء الأهل.., لتصبح في ظل هذه الظروف الصعبة همّاً كبيراً, إذ تعمد كل أسرة لتخفيض النفقات من خلال اقتناء الأرخص، والأقل جودة، لتأمين تكاليف السفر على حساب لقمة عيشها، لكن في حقيقة الأمر هذا الارتفاع الكبير للأسعار نسف أحلام أغلبية الأسر بالسفر لقراهم ولبلداتهم، ناهيك بأجور وسائل النقل التي بات تأمينها ضرباً من المستحيل.
في المقابل لا تتردد الجهات المعنية عن تكرار أسطوانتها المعهودة بإعلانها عن تأمين كل مستلزمات العيد بدءاً من التفاصيل الضرورية و انتهاءً بالرفاهيات، في الوقت الذي غاب عن ذهنها أن شريحة العاملين في الدولة باتت عاجزة عن تأمين حاجات العيد بعد أن التهمت الأسعار كل ما تمتلك، وليس أمامهم سوى العيش على ذكريات الأعياد السابقة بكل تفاصيلها..
فهل تعمل الجهات المعنية على تشديد الرقابة على وسائل النقل للالتزام بالتسعيرة الموضوعة.. ومحاسبة حيتان السوق على مخالفاتهم قولاً وفعلاً؟، و ربما هذه الإجراءات قد تسهم بتخفيف الوطأة، وتأمين الحد الأدنى من الاحتياجات، بعد سنوات طوال من الحرب على سورية افترست كل شيء.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار