ترويض الغرب
نجحت موسكو والصين بترويض أوروبا وأمريكا ودفعهما للرجوع للمربع الأول، وانتزاع قرار أممي بتمديد آلية إدخال المساعدات الإنسانية إلى سورية عن طريق معبر باب الهوى فقط ولمدة ستة أشهر فقط، دون فتح باقي المعابر وحذف معبر اليعربية من مشروع القرار.
طيلة الأشهر الماضية، ركز الروس والصينيون ومعهما أعضاء غير دائمين في مجلس الأمن، جهودهم على جوانب مهمة تخدم هدف تحسين الوضع الإنساني ووصول المساعدات لمحتاجيها داخل سورية، وقد تكللّت تلك الجهود بالتواصل لقرار أممي يقيد حرية وصول “المساعدات” للإرهابيين ووضع حد للاستهتار بالحدود الدولية واستخدام هذه المعابر للإساءة إلى سيادة سورية ووحدة أراضيها. وعليه فإن سورية مرتاحة للجهد الروسي- الصيني في تقييد وصول المساعدات الغربية والتركية إلى الإرهابيين.
على أي حال مع القرار الجديد “ستصبح الدولة السورية على دراية وبشكل دقيق بما يدخل إلى البلاد وإلى أين تذهب المواد الغذائية والإنسانية وسيصبح من الصعب على الدول الغربية أن تقوم بتمرير الأسلحة للإرهابيين”.
لا شك أن تقييد آلية إدخال المساعدات، سيضيق الخناق على داعمي الإرهاب، خاصة مع تشديد بنود القرار على ضرورة تقديم كل المساعدات الممكنة لسورية وخاصة من الداخل السوري. ما يجعل القرار بصيغته الحالية إنجازاً، كما وصفه وزير الخارجية مصطفى المقداد، لأنه تضمن جميع الجوانب التي كانت الدول الغربية ترفض تناولها، وأهمها إيصال المساعدات الإنسانية من الداخل السوري وليس فقط من المعابر الخارجية.
لم يعد اجتزاء الملف الإنساني مقبولاً وفق المقاربة التي يتبعها الغرب وعلى رأسه أمريكا، فلا يمكن الاستمرار بالتلاعب بمشاعر الرأي العام من خلال التذرع بالملف الإنساني في جزء من الجغرافيا السورية، في الوقت الذي تقوم به بكل طاقاتها لتجويع السوريين على طول الجغرافية السورية نتيجة العقوبات أحادية الجانب، ناهيك عن استمرار قوات الاحتلال الأمريكي والتركي بنهب الثروات السورية، وتعطيش أهالي الحسكة.
والأنكى، هو إصرار الغرب على النأي بنفسه بشكل صارخ عن تقديم المساعدات لسورية والإسهام في إعادة إعمار ما دمره الإرهاب المدعوم خارجياً، رغم أن القرار الذي اعتمده الغرب ينص على خلاف ذلك.
ليس جديداً كما ليس مستغرباً، أن تواصل الأمم المتحدة والدول الغربية سياساتها المعتادة بالنظر بعين عوراء لما يجري في سورية، واستنساخ الفشل في إدخال مساعدات حقيقية للشعب السوري، فمن المعلوم للجميع أن تلك “المساعدات” كانت تلقى على الحدود ليتلقاها متزعمو التنظيمات الإرهابية.
بالمقابل، تواصل الدولة السورية تقديم كافة أنواع الدعم والتسهيلات لوكالات الأمم المتحدة لضمان وصول المساعدات لمحتاجيها في جميع أنحاء البلاد، ناهيك عن تلبية الاحتياجات الإنسانية لجميع السوريين وتوفير الدعم للتخفيف من الانعكاسات السلبية للحرب الإرهابية والعقوبات القسرية أحادية الجانب التي تحارب السوريين في لقمة عيشهم.