“ذات الرداء الأحمر”
اليوم أيضاً تتجهز “ليلى” ذات الرداء الأحمر لزيارة جدتها المريضة حاملةً سلة الكعك. اليوم أيضاً ستلتقي بالذئب وسيسبقها إلى البيت الخشبي في آخر الغابة، واليوم كما في كل مرة ستتجاهل نصيحة أمها بأن تسلك الطريق الأقصر ولا تتحدث مع الغرباء، وكالعادة سيفعل القدر فعلته على هيئة الحطاب.
أجل، ينطبق هذا على تعدادٍ طويل من العادات السيئة والمفاهيم المغلوطة، تكررت ولا تزال منذ مئات السنين رغم أن نتائجها الكارثية لم تكن سراً أبداً. بهذه التلقائية والمباشرة اختارت مؤسسة “موج” أن تقول “لا للتزويج المبكر”، عادت إلى الحكاية الشهيرة والحاضرة دوماً في الدراما والسينما والأدب، لتوجه الأنظار نحو قضية أُشبعت نقاشات وندوات وأبحاثاً، دون تغيّرٍ يُذكر، وسيلتها هنا المسرح كأداة تعليمية ترفيهية وتوعوية.
على مسرح قصر الثقافة في دير عطية وبالتعاون مع وزارة الثقافة، قدمت “موج” العرض المسرحي “ذات الرداء الأحمر” ضمن مشروع (بعدنا صغار +18 )، بعد أن علّمت عدداً من يافعات مدارس الفنون النسوية في مدن النبك وقارة ويبرود “القلمون الغربي”، تصنيع الدمى وتحريكها، وأتاحت لهنّ أيضاً المساهمة في تطوير نص الحكاية ليخدم فكرة التوعية بمخاطر التزويج المبكر، وليس “الزواج” لكونه يستند أصلاً إلى رغبة العائلة وإرادتها أو إلى مبررات أخرى كالفقر والنزوح واللجوء، ليصبح خياراً وحيداً أو مهرباً من خيارات أشد بؤساً.
استحضار الحكاية من قبل المؤلفة لمى عبد المجيد والمخرج زهير بقاعي، لم يُشر فقط إلى التكرار اللامنتهي للعديد من الإشكاليات بل وظّف مجريات الأحداث فيها للتنبيه بلا مواربة للكيفية التي يتعاطى بها المجتمع مع “التزويج المبكر”، بالسكوت والتحايل والرضا، وعدّه أحياناً فرصة ذهبية للفتاة إذا توفر المال والجاه لدى العريس المأمول لكن عوضاً عن تدخل “الحطّاب” يأتي المعلّم لينقذ “ليلى” مما وقعت به فتيات غيرها، هكذا يمكن للتعليم أن يغير السيناريو.