في الخفايا
لا يخفى على أحدٍ أن العداء لروسيا والصين ليس وليد اليوم، وليس محصوراً فقط ضمن إستراتيجية “الأمن القومي الأمريكي”، بل هو متأصّل ومتجذّر لدى الدول الغربية التي تمشي متذبذبةً، متنافرةً حيناً، ومجتمعة حيناً آخر، وبين الدعوة للحوار مع روسيا وأهميته مع شروط من البعض، وبين الرفض لذلك من البعض الآخر، تبقى روسيا تحت العقوبات، ويبقى العداء لها والتبعية للأمريكي هو الجامع.
بالنسبة للولايات المتحدة، إن استفزاز روسيا، وكذلك الصين، هو الأهمّ، وإن لم تكن أمريكا في الواجهة فهي موجودة وراء الستار حتماً، من هنا، فإن الاستفزاز البريطاني الأخير والمستجدّ لروسيا في البحر الأسود لا يندرج إلا في سياق مسلسل الاستفزازات الغربية المستمرة، في مداورة ومبادلة للأدوار بين حلفاء الأطلسي لاستفزاز “الدب الروسي”، كما هو ترجمة عملية لقمة “ناتو” الأخيرة وما رافقها من تحشيد ضد روسيا كما الصين أيضاً، ولاسيما أن الاستفزاز البريطاني لحقت به مناورات أمريكية- أوكرانية في البحر الأسود.
أمريكا جرّت بريطانيا إلى الواجهة لجسّ النبض الروسي، في حين تتابع هي الارتدادات والتداعيات لعلها تأتي لحظة تنتظرها، لكنها لن تأتي كما ترغب، وهي جرّ روسيا إلى صراع محتدم تدخل الساحة الدولية على أثره في مزيد من الفوضى والتوتر الموجود أساساً، وتالياً تحميل روسيا المسؤولية وسوق المزاعم والاتهامات ضدها، وفي خضم ذلك، يُثار الغبار حول معالم وموازين القوى الدولية والعالم المتعدّد الأقطاب المتشكّل والذاهب في اتجاه يناهض الأمريكي وفي غير مصلحته.
التوتر المستجدّ مع روسيا، يعني أن واشنطن وحلفاءها فشلوا في تحقيق أهداف سابقة تتمثل في ردع قوة روسيا، والحلّ مواصلة الضغوط على موسكو بشتى الطرق والوسائل، وهذا يدل على عمق الهوّة بين روسيا و”ناتو” على الرغم من الدعوات الصادرة بين الفينة والأخرى من الدول الأوروبية إلى ضرورة التعاون مع روسيا.
على نهج سلفه دونالد ترامب، يريد الرئيس الأمريكي جو بايدن تزكية الحروب والصراعات وفتح جبهات جديدة، مع إبقاء نار التوترات في الجبهات المفتوحة من قبل، وإنّ تمّت تهدئتها قليلاً فذلك حسبما تقتضي الضرورة ومعطيات السياسة العالمية.