قمة التصعيد
نجح الرئيس الأميركي جو بايدن في تمرير ما يريده خلال بيان قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) والتي عكست في مضمونها اهتمامات سياسات إدارته الخارجية والتي تدور حول الصين بالدرجة الأولى والمبالغة بما يسمى “التهديد الصيني”.
لكن تصدير هذا في مقدمة البيان الختامي لا يعني أن هناك انسجاماً مطلقاً من أعضاء الحلف مع ما يعتبره بايدن “الخطر الجسيم”.
صورة (لم شمل) التي خرجت من بروكسل لم تكن حقيقية بشكل كامل خاصة مع وجود انقسام حول تبني أهداف بايدن وكذلك انقسام آخر داخلي لدول “ناتو” فيما بينها حول كيفية التعامل مع الصين على اعتبار أن للكثير منها علاقات مزدهرة اقتصادياً وسياسياً مع بكين, أي إن الصين شريك إستراتيجي لهم لا يمكن الاستغناء عنه رغم وجود المنافسة والاختلافات.
يبالغ بايدن في المواجهة مع الصين وحرصه على تشكيل تحالف علني مناهض ضدها حيث لم يلق التجاوب المطلوب حتى الآن وهذا واضح من ردة فعل أعضاء “ناتو” الذين لا يرغبون بخوض معارك بايدن خاصة أن طريقهم كدول باتجاه بكين سالكة وأسواقها الضخمة تعتبر مهمة جداً لتصريف صناعاتهم مع ازدياد الطلب الداخلي الصيني, ومع ذلك ورغم تقاطع مصالحهم التجارية مع بكين واعترافهم على لسان الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ أنها ليست خصماً أو عدواً شاطروا بايدن جزءاً من مخاوفه.
قد يكون ازدياد تناقض المصالح الاقتصادية بين ضفتي الأطلسي السبب الأساسي بهذا التباعد الضمني بين أعضاء دول “ناتو”, فضلا عن الخلافات المتجذرة بينهم حول الإنفاق والميزانية وتهشم سمعتهم كحلف عالمي وعدم الثقة بهم وتفرد واشنطن ببعض قرارات الحلف الأساسية وتجاهل الشركاء الآخرين.
كل هذه الأسباب مجتمعة وغيرها جعل من تلك الصورة المصدرة من بروكسل التي تؤكد التوافق مشكوك في أمرها خاصة أن توصيف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للحلف بأنه تحول جثة هامدة لا تزال حاضرة بقوة في الأذهان في مثال مصغر عن الاختلافات العميقة بين أعضاء “ناتو ” وعدم توافقهم على الإستراتيجيات الأساسية للحلف.