قبيل ساعات قليلة من انعقاد القمة الروسية- الأمريكية قال مساعد الرئيس الأمريكي لشؤون الأمن القومي، جيك سوليفان: إن واشنطن مستعدة للعمل مع موسكو حول سورية.!
من يقرأ هذا التصريح لابد أن يتساءل حول ماهية هذا العمل، قبل أن يوضح المسؤول الأمريكي ذلك التركيز على “وصول المساعدات الإنسانية”، وهو الموقف نفسه الذي كان الرئيس بايدن أعلنه في ختام قمة “G7” في إنكلترا عندما قال: “نعمل على فتح ممرات لتهيئة فرص لتقديم مساعدات غذائية واقتصادية”.
الموقف الأمريكي هذا، يشير إلى أن موضوع المعابر الحدودية والممرات الداخلية في سورية، سيكون حاضراً في قمتي بروكسل وجنيف.
التركيز الأمريكي على إيصال المساعدات قد يبدو مفهوماً، مع اقتراب انتهاء صلاحية “قرار” إيصال المساعدات في 11 تموز المقبل، لكن التركيز، بل ملف المساعدات، يخفي وراءه صراعاً جيوسياسياً، بين واشنطن وموسكو وأنقرة، وسيشكل اتجاه حسمه مؤشراً للسنوات المقبلة.
لكن التركيز على إيصال المساعدات، والمطالبة بفتح المعابر، هو تجاهل للحقائق، أو القفز فوقها، واختزال للمشكلة، فالحاجة إلى المساعدات حيث تتذرع واشنطن وأنقرة، هي نتيجة الأوضاع القائمة في ظل الإرهاب والاحتلال، وأي تعاطٍ مع هذا الموضوع، من دون البحث في جوهر المشكلة أي إنهاء الإرهاب والاحتلال، يعني تجاوز للأسباب، ولن يقدم أي شيء ما يبقي التعاون الذي تقصده واشنطن مجزوءاً .
تريد واشنطن التعاون في سورية “بالمفرق” وتبقي موضوع المساعدات والمعابر سيفاً مسلطاً على رقبة الحكومة السورية في انتهاك واضح للسيادة السورية، بل موضوعاً لابتزاز روسيا. وكي لا يغدو هذا الكلام عمومياً لابد من الإشارة إلى أن واشنطن كما هو معروف تبدي “اهتماماً” باستمرار فتح المعابر الحدودية وزيادتها، خصوصاً “اليعربية” بين مناطق احتلالها شرق الفرات والعراق.
بينما “يهتم” نظام اردوغان هو الآخر باستمرار فتح “باب الهوى” مع إدلب، وإعادة تشغيل “باب السلامة”.
هذا الاهتمام من جانب واشنطن وأنقرة مبرره إيصال المزيد من الدعم المتعدد الأشكال لأذرع هاتين العاصمتين من الإرهابيين والمرتزقة وتسخير المنظمات الدولية لذلك تحت حجج الإغاثة وكوفيد19 وذلك في خرق واضح وفاضح للسيادة السورية والعمل من وراء علم دمشق، وهذا مرفوض جملة وتفصيلاً من جانب سورية وروسيا.
مواقف ومفاوضات الروس والأميركيين والأتراك حول تمديد القرار الدولي لإيصال المساعدات الإنسانية تتضمن في العمق البحث عن خيط يربط “المعابر” و”الممرات”، ما يعني فتح الباب على صفقات ومقايضات خلال قمتي بايدن مع كل من بوتين وأردوغان.