حبل الكذب
لم تعد الأكاذيب الأمريكية تنطلي على أحدٍ، فجملة التحوّلات السّياسيّة التي حصلت خلال العقد الأخير والدور الأمريكي التخريبيّ الذي يتلطى خلف مزاعم واهيّة، قادت بالضرورة إلى كشف تلك الأكاذيب، وعدم الوثوق بما تحاول الولايات المتحدة إظهاره على أنه “الحقيقة” التي لا مجال لدحضها أو التشكيك فيها.
أصابت الصين عين الحقيقة عندما شبّهت المزاعم الأمريكية بشأن منشأ كورونا بأكاذيب “امتلاك العراق أسلحة الدمار الشامل” التي كانت ذريعة لغزو العراق 2003، فأمريكا تعمد دائماً إلى سوق المزاعم لتبرير تدخلها في الشؤون الداخلية للدول الرافضة والمعادية لسياساتها، وتدويل القضايا لتأمين حشد دولي إلى جانبها.
ما تدّعيه واشنطن بشأن منشأ كورونا، تكريس لمسار عدائي تصادمي مع الدول الكبرى، والتأسيس لمرحلة جديدة عنوانها المزيد من التوتر والفوضى، تستند فيها الإدارة الأمريكية الحالية إلى ما كرّسه الرئيس السابق دونالد ترامب.
سياسة التصعيد الأمريكية، هي وسيلة لرفض المتغيّرات الدولية التي فرضتها الوقائع والمسارات السّياسيّة والاقتصادية العالميّة، كما تأتي في جانب منها للتغطية على فشل واشنطن مقابل نجاح خصومها روسيا والصين وإيران وفنزويلا وكوبا في الاحتفاظ بأوراق قوة لم تتمكن الولايات المتحدة من إفراغها من مضمونها.
روسيا حافظت على قوتها، ولم تخضع رغم كل الغبار المُثار حولها في محيطها الإقليمي من جانب “ناتو”، ومن خلال قضايا مثل قضية العميل المزدوج سيرغي سكريبال والمعارض أليكسي نافالني، والصين تماثلها، فالدعاوى الغربية بشأن ما يسمى “الانتهاكات” الصينية لـ”حقوق الإنسان”، وغيرها كما في قضية تايوان وهونغ كونغ والإيغور، لن تقلل من كون الصين باتت ندّاً لواشنطن.
أما إيران ورغم الضغوط الأمريكية عليها لتتخلى عن برنامجها النووي، فإنها لم تتخلَّ أو تخضع للضغوط، بل تمكّنت من الحفاظ على منجزاتها النووية والحفاظ على حقوقها والرّد بالمثل إذا اقتضت الضرورة.
تغيّر العالم عمّا كان عليه قبل وخلال الغزو الأمريكي للعراق والحرب على أفغانستان وغيرها من الحروب الأمريكية، والأوهام الأمريكية بتحجيم الدول الكبرى وقوتها ستبقى أوهاماً.