مراوغة إضافية
رغم وصول المفاوضات الجارية في فيينا بين طهران وواشنطن حول الاتفاق النووي إلى مراحلها الأخيرة واقتراب رسم “الطريق النووي” الجديد في ظل التقدم الإيجابي النسبي الحاصل يبدو أن تثيبت ما تحقق حتى الآن في مسار المفاوضات شاق جداً كون إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لا تزال رغم كل جولات التفاوض السابقة تُصر على التمسك بسياسة الضغوط القصوى على طهران والتقلب في المواقف.
هذه السياسية لم تؤت أُكلها كما أراد الأميركيون لا سابقاً ولا الآن, وحتى في أحلك الظروف لم تتخل طهران عن حقوقها ولم ترضخ للضغوط، واليوم وبعد مسار طويل من المفاوضات تشكك واشنطن في رغبة إيران بالالتزام الكامل بالاتفاق متناسية أن إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب هي من خرجت من الاتفاق وأدخلت الأمور بين الطرفين إلى نفق مظلم، كذلك هي من يرواغ في هذا التوقيت ويساوم بورقة العقوبات على طاولة التفاوض، ما يعني عدم جديتها بالعودة إلى الانخراط في الاتفاق الحقيقي.
التصعيد الأميركي الجديد على لسان وزير الخارجية انتوني بلينكن يُفهم في اتجاهين: الأول, الإيحاء بأن مفاوضات فيينا تسير في طريق مسدود وتحميل طهران (مسؤولية الإخفاق) كونها وفقاً لمزاعمهم لا تلتزم, بينما هم يقدمون كل ما بوسعهم للتوصل إلى اتفاق في تضليل إضافي للرأي العام.
والثاني الدخول في مناورة جديدة من واشنطن للعب على الوقت والاستمرار بالمماطلة من دون اتفاق وممارسة ضغوط إضافية على طهران قبل بدء الانتخابات الرئاسية الإيرانية، ووفقاً للاتجاهين فإن واشنطن أعادت المشهد إلى المربع الأول.
أيضاً حرب التصريحات الأميركية تُحطم كل ما أشيع عن قرب إحياء الاتفاق بعد الانتهاء من مفاوضات فيينا.
إيران لا تزال على موقفها الأساسي وهو رفع كامل للعقوبات وليس جزئي مقابل التزام كامل منها بالاتفاق، أما الرفع الجزئي يعني عدم دفن سياسة الضغوط بل إبقاءها، لكن بصيغة جديدة، وبالتالي لا اتفاق، لأن الرفع الجزئي يتناقض كلياً مع قانونية الاتفاق النووي الموقع عام 2015.