قبل لقاء بوتين – بايدن
تتجه أنظار العالم إلى لقاء الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي جو بايدن في جنيف، لرسم المسارات السياسية والاقتصادية التي ستسلكها السياسة الدولية في المرحلة اللاحقة.
المنتظر من لقاء القمة هذا محكوم بمقدمات جاءت من الطرف الأمريكي وخاصة تصريحات بايدن الأخيرة التي قال فيها: سوف نبقى موحدين في التصدي لتحديات روسيا للأمن الأوروبي التي بدأت من العدوان على أوكرانيا”!. ومن منظمته “ناتو” التي وصفت روسيا والصين بـ”التحدي الخطير”!.
هذه ليست لغة تصالح، بل مقدمات لتصعيد ما، قد تكبح التمنيات التي قد ترجى أن تنبثق عن اللقاء في السلام والاستقرار الدوليين، بتبريد بعض الملفات الساخنة على الساحة الدولية.
التشكيل الدولي الجديد والسليم للعلاقات الدولية بحاجة إلى أكثر من النيات والتمنيات، بحاجة إلى خطوات فعلية من الأطراف كافة، والتلاقي عندما يجمع كتهديد كورونا على الصحة والاقتصاد مثلاً، أي ما يسكن التوترات أكتر من الافتراق عند مصالح عقائدية بائدة، فالحلول الدولية المرجوة عالقة عند مسائل شائكة من الصراع والتنافس المستدام المبني على أيدلوجيات الحرب الباردة، التي تظهر في قواميس السياسة الحالية للإدارة الأمريكية في التعاطي مع ملفات بالغة الحساسية بالنسبة لروسيا والصين.
الملاحظ أن معظم الملفات الساخنة والعالقة بين القوى العظمى، تُختصر بالتحرش الأمريكي في مناطق الأمن والمصالح الروسية والصينية، في أوكرانيا والبحر الأسود ومنطقة البلطيق، وفي تايوان وهونغ كونغ والملف الذي يسخن عند الطلب “قضية الأويغور”، بينما لا يمكن أن ترى تدخلات روسية أو صينية في مناطق الأمن الأمريكي، أي يعني أن تكف أمريكا أولاً عن تصعيد التوتر، وهذا يتوقف على فصل الولايات المتحدة لصراعاتها الداخلية عن الملفات الخارجية أولاً، والتوقف عن إيجاد أرضية لبيع صناعاتها العسكرية ثانياً، من خلال خلق وتغذية بؤر التوتر.
لا يمكن البناء على القمة كثيراً، لأنه لا يمكن القطيعة مع الماضي وطي الصفحة دفعة واحدة، فبعض التنازلات المبنية على الاعترافات المتبادلة بمصالح الآخر تكفي لتذويب بعض الثلوج المتراكمة في العلاقات الدولية، وخاصة التي أفرزتها مرحلة القطب الواحد، فالاعتراف بعالم متكامل متعدد الأقطاب يمكن أن يعد خطوة إيجابية للبناء السليم للعلاقات الدولية- إن أمكن ذلك.
قبل اللقاء المرتقب.. الاستعدادات العسكرية الأمريكية تتصاعد في بحر الصين وفي شرق أوروبا، فلا بوادر للتهدئة يمكن البناء عليها، أي لا يزال الغموض عن غاية اللقاء سيد الموقف.