الإرهاب القطري
يعود دعم النظام القطري للإرهاب في سورية، مجدداً إلى الواجهة مع كشف صحيفة “التايمز” البريطانية النقاب عن دعوى قضائية رفعت في لندن تفضح قيام كبار السياسيين ورجال الأعمال القطريين بعملية غسل أموال سرية تمت عبر مصرفين قطريين ومكتب خاص بأمير مشيخة قطر، لتحويل مئات ملايين الدولارات إلى تنظيم “جبهة النصرة” الإرهابي.
اللافت، في العملية السرية، أنه تم الإعداد لها في تركيا داخل غرف مظلمة كانت الشاهد الوحيد على اللقاءات التي جمعت بين مسؤولين قطريين ومتزعمين إرهابيين بإشراف من تنظيم “الإخوان المسلمين” الإرهابي.
لقد أصبح معلوماً للجميع الدور المشبوه للنظامين القطري والتركي في صناعة وتمويل التنظيمات الإرهابية في سورية، والذي أفضى منذ البداية لتشكيل “تحالف تطرف ثلاثي” من قطر وتركيا و”جبهة النصرة” لعبت فيه قطر دور الممول، فيما لعبت تركيا دور المجنّد للإرهابيين ومعبر الأموال والأسلحة إلى “جبهة النصرة” الإرهابي ليقوم الأخير بسفك الدم السوري وزعزعة استقرار الدولة السورية وأمنها.
الحقيقة القديمة الجديدة أنه منذ بداية الحرب الإرهابية على سورية، ومشيخة قطر تدعم التنظيمات الإرهابية بشتى الطرق سواء المباشرة منها، أو المتسلّلة تحت مظلة المصارف أو”الجمعيات الخيرية”، أو الفدى الوهمية، أو عن طريق أبواقها الإعلامية التحريضية وفي مقدمتها “الجزيرة”.
وعليه، لا تزال ذاكرة السوريين تحتفظ جيداً بالكثير من الأدلة على تورط قطر بدعم الإرهاب، أبرزها إقرار حمد بن جاسم رئيس وزراء النظام القطري السابق بأن مشيخته دعمت التنظيمات الإرهابية في سورية عبر تركيا بالتنسيق مع واشنطن وأطراف أخرى، ناهيك عن دفع المشيخة مبلغ مليار دولار عام ٢٠١٧ لتنظيمات إرهابية بينها “جبهة النصرة”، المبلغ الذي يعد أكبر فدية تم دفعها بالتاريخ لتنظيمات إرهابية.
كما لم ولن تنسى ذاكرة السوريين ظهور متزعم التنظيم الإرهابي المدعو أبو محمد الجولاني على شاشة “الجزيرة” للترويج للتنظيم، في سقطة إعلامية عرّت كل محاولات النظام القطري التنصل من دعمه للإرهاب.
واقع الحال من دعاوى قضائية وتقارير مدعمة بالأدلة، يتجاوز اليوم رفع دعوى قضائية هنا أوهناك، ليضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته، وأولها التحقيق الجدي بدعم النظامين القطري والتركي للإرهاب في سورية وليبيا والعراق، والوقوف على حقيقة ما ارتكبه الحليفان من جرائم يندى لها جبين الإنسانية.
قد يكون المجتمع الدولي بحاجة إلى أدلة وبراهين إضافية حتى يكف عن النظر لجرائم نظامي قطر وتركيا بعين واحدة، لكن السوريين لم يكونوا يوماً بحاجة لدلائل، فهم أدرى بما جرى على أرضهم لأنهم هم من صمدوا بوجه الإرهاب وتحدوا الموت بإرادة الحياة، وجابهوا الرصاص والمفخخات بالانتماء لوطنهم، وخير دليل على ذلك انتصارهم على الإرهاب وداعميه.