ينتظرنا عمل كبير
لا شك أن نجاح الانتخابات الرئاسية، هو رسالة انتصار ممهورة من الغالبية المطلقة للشعب السوري، بل هي رسالة تتوج إرادة هذا الشعب وقراره بخصوص بلده ومستقبله.
ومع أهمية هذا، لا يجب أن نركن مطمئنين إلى أن الأمور في غير مطرح ومجال قد باتت تحت السيطرة، أو في الاتجاه الذي نريد.
بمعنى، لا يجب أن نغفل توجيه البوصلة، فما ينتظرنا كبير جداً وقد يكون في جوانب معينة على غاية من الصعوبة.
نسوق هذا ليس للتقليل من رمزية وتاريخية المشهد الانتخابي بتفاصيله، لكن لكي نكون بأقصى درجات الحذر والتيقظ، فمن لم يستطيع أن يؤثر أو يغير في مجرى ونتائج الاستحقاق، لن يسلم بالسهولة التي نعتقد، بفشله.
معركتنا بكل الاتجاهات لا زالت مستمرة وقد تأخذ جولاتها القادمة أشكالاً مختلفة، لكنها لن تكون في الجوهر والمضمون مختلفة عن المعركة السابقة والتي أثبتت فيها سورية قيادة وجيشاً وشعباً صلابة مشهوداً لها.
اليوم لا يبدو أن السيناريو سيكون مختلفاً عن مرحلة ما قبل الانتخابات، فأصحاب المشاريع والمخططات مشغولون في محاولات التقليل من أهمية ما جرى بدءاً من عشرين الشهر الماضي وتوج في السادس والعشرين منه.
نظرة سريعة إلى ما يجري في منطقة خفض التصعيد في إدلب، والخروقات التي تقوم بها التنظيمات الإرهابية هناك، وما يحصل في غير مدينة وقرية في الشمال وشرق سورية من الميليشيات أو القوى المسيطرة على المنطقة بحكم واقع الدعم الخارجي، بحق الأهالي، ما هي إلا محاولات تصعيد وإثارة للفتن، انطلاقاً من محاولات استثمار اللحظة القائمة في محاولات محمومة لخلط الأوراق، وتكريس وقائع جديدة.
هذه فقط أمثلة، لا يمكن تجاهلها فهي قائمة، وقد تتكرر ما دامت مفاعيلها متقدة، وريثما تتوضح الصورة بكل عناوينها، في جغرافية تحكمها مصالح إقليمية ودولية، متشابكة ومُعقدة، فإن تلك المناطق لن تنعم بالهدوء ما دامت قوى الأمر الواقع تسرح وتمرح وتعبث هناك وتلعب على تداخل مصالح الأطراف الفاعلة والمؤثرة في تلك الجغرافية.
إن تضافر الجهود، مع الأصدقاء والحلفاء، للانطلاق إلى العمل الحاسم والجازم، هو أبلغ رد عملي، ومن دون ذلك ستبقى التحديات على حالها، لا بل ستنمو مستغلة “هرمون” الدعم الخارجي الذي نعرفه جيداً وخبرناه خلال سنوات الحرب الإرهابية.
باختصار، وبعد أن قال السوريون كلمتهم، وبعد أن ملأ السوريون الساحات، وبعد أن تمكن السوريون من تخطي كل المراحل السابقة والصعبة بات الشروع بالعمل سياسياً واقتصادياً ومجتمعياً أمراً ملحاً فنحن لا نملك رفاهية الوقت، فما ينتظرنا كبير جداً..