كسر جبروت المحتل
حقق المقدسيون بصمودهم معادلة جديدة على الأرض شكلت معضلة حقيقية لقوات الاحتلال الإسرائيلي بعد اتساع رقعة الاشتباكات وبقاء المقدسيين في باحات المسجد الأقصى يحمونه بأجسادهم العارية بينما الاحتلال يوغل في بطشه وإجرامه.
لم يكن المقدسيون لوحدهم في معركة الصمود الدائرة في الحرم القدسي الشريف، وفي حي الشيخ جراح المجاور, وباب العمود، بل شاركهم فلسطينيو الناصرة ويافا أم الفحم وغيرهما عبر مسيرات حاشدة متضامنة تؤكد أن الخندق واحد، بينما كانت غزة والضفة الغربية تبعثان برسائل التضامن والمساندة وكل على طريقته الخاصة.
الفلسطينيون عموماً والمقدسيون بصفة خاصة قلبوا مخططات العدو رأساً على عقب، وأربكوا قواته التي لا تزال في الشوارع بينما مستوطنوه مجبرون على الاختباء في الملاجئ.
كلّ المؤشرات والوقائع تظهر أنّ انتفاضة المقدسيين الأبطال، المستمرة بزخم الحضور الشعبي في المواجهات مع قوات الاحتلال في المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح وباب العمود، قد كسرت إرادة المحتلّ الصهيوني، وانتصرت عليه، بل أجبرت الاحتلال على مراجعة حساباته وإن لم يظهر كثيراً من هذا إلى الآن.
بل إن هذه الانتفاضة المباركة أكدت من جديد ما هو مؤكد بأنّ إرادة المقاومة لدى الشعب الفلسطيني إنما هي أقوى من آلة الإرهاب والقمع الصهيونية، وأنّ هذه الإرادة المقاومة تثبت يوماً بعد يوم أنها إرادة لا تنكسر وأنها قادرة على كسر إرادة المحتلّ ومنعه من تحقيق مخططاته في تهويد أحياء القدس القديمة ومقدساتها، وحماية هويتها العربية من خلال عدم السماح للعدو بتكرار نكبة عام 1948، وبالتالي تثبيت الوجود العربي في أحياء القدس، الذي يشكل الضمانة للحفاظ على عروبة المدينة، أرضاً ومقدسات، وعاصمة أبدية لفلسطين.
بكل الحالات العدوان الوحشي الذي يفيض عنصرية وحقداً على الفلسطينيين وعلى القدس وعروبتها وما تبعه من عدوان على مناطق فلسطينية أخرى في غزة والضفة وارتقاء الشهداء، هو دليل جديد على طبيعة هذا الكيان القائم منذ نشأته على القتل والإجرام والسرقة وتزوير الحقائق وتشويه التاريخ للنيل من الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وإجباره على ترك أرضه وقضم المزيد منها من خلال التوسع بمخططات الاستيطان وابتلاع جذورها الفلسطينية والعربية.
العدوان الإسرائيلي الوحشي، يجري أمام مرأى من العالم أجمع وخاصة من يدعون الحرية والديمقراطية حيث فضلوا الوقوف في الجانب الرمادي كما هي العادة عندما يتعلق الأمر بفلسطين وشعبها رافعين بذلك راية الانحياز الواضح للعدو.
إجرام الاحتلال المستمر وسياسة التغيير الديمغرافي في القدس وإجبار المقدسيين على ترك بيوتهم وممتلكاتهم هو مخطط تهجير، بل هو الأخطر في سلسلة انتهاك القانون الدولي وحقوق الإنسان والقرارات الدولية ذات الصلة الخاصة بفلسطين.