إحقاق العدالة للشعب الأرمني
يحمل الرابع والعشرين من نيسان، في طياته ذكرى مأساة الشعب الأرمني الذي ارتُكبت في حقه أفظع إبادة في التاريخ المعاصر، والتي أودت بحياة ما يزيد على مليون ونصف مليون إنسان وتشريد آخرين إلى سورية والعراق ولبنان ودول أخرى..
106 أعوام مرت على الإبادة الجماعية المرتكبة بحق الشعب الأرمني على يد العثمانيين.. تلك الجريمة الممنهجة التي ارتكبت بحقد ودم بارد في واحدة من أبشع الجرائم ضد الإنسانية في القرن العشرين، من حيث دمويتها.
ويتفق المؤرخون على أنّ تاريخ الإبادة بدأ في 24 نيسان عام 1915، وهو اليوم الذي اعتقلت فيه السلطات العثمانية ورحّلت بين 235 إلى 270 من المثقفين وقادة المجتمع الأرمني من القسطنطينية، إلى أنقرة، وقتل معظمهم في نهاية المطاف.
لم يكتف العثمانيون بالتنكيل بالشعب الأرمني وإبادته، بل كان هناك تدمير متعمَّد للتراث الثقافي والدينيّ والتاريخيّ للأرمن.
حيث تمّ تدمير الكنائس والأديرة ودُمِّرت المقابر الأرمنية، في العديد من المدن منها على سبيل المثال فان، كما هُدِمت الأحياء السكنية الأرمنية بالكامل.
وفي المعلومات عام 1914 كان هناك 2538 كنيسة وديراً أرمنياً على كامل تراب الدولة العثمانية، لم يتبقّ منها حالياً سوى 30 كنيسة وديراً.
وفي عام 1914 امتلكت الطائفة الأرمنية 1996 مدرسة ولم يتبقّ منها سوى 18 مدرسة أرمنية غالبيتها توجد في اسطنبول.
وعلى الرغم من مرور هذه الأعوام الطويلة، إلا أن الشعب الأرميني مستمر في التذكير بهذه المذبحة، وإعلاء صوته في مختلف المحافل العالمية، حتى إحقاق العدالة, في وقت تستمر فيه الأنظمة التركية المتعاقبة بإنكار الإبادة ورفض الاعتراف بما ارتكبته الدولة العثمانية، ليس هذا الإنكار فحسب، بل يمضي سليل القتلة، أردوغان اليوم على خطا أجداده في ارتكاب المجازر ودعم الإرهاب.
إن إقرار العديد من الدول ومن بينها سورية بأن ما حصل بحق الأرمن إبادة جماعية، هي خطوة في الاتجاه الصحيح وتسمية للأشياء بمسمياتها، لأن هذا الظلم الذي لحق بالشعب الأرمني على يد العثمانيين لا يمكن أن يتصوره عقل، حيث اقتلع شعباً من وطنه وأراضيه التاريخية وتم تهجيره قسراً إلى الخارج.
لو وقف العالم في ذلك الوقت الموقف المطلوب، وتمت إدانة تلك الجريمة الكبرى، في وقتها ومعاقبة مرتكبيها لما تجرأ أحفاد مرتكبيها على مواصلة إجرامهم وإنكارهم للحقائق.. وما نشاهده اليوم من سياسات أردوغانية ما هي إلا حلقات متصلة للعقلية نفسها التي ترتكب ذات الجرائم الوحشية ضد شعبنا في سورية، وتتدخل في الشؤون الداخلية للدول وتسمم الأجواء الدولية وتتسبب في خلق المشكلات.