على نية “الحب”

يُراهن العمل الدرامي “خريف العشاق” على الحب؛ هل يجعلنا أكثر قدرة على التحدي؟، تحدي أنفسنا أولاً، ومن ثم كلّ ما ينصاع له الآخرون حولنا من خلال نصٍ مكتوبٍ بتأنٍ واضح، لا يكتفي بإعادة السؤال السابق على شكل مغامرة بل يصوغه بمفردات ومواقف تلتقي فيها الشخصيات على نية “الحب” ليكون مُعادلاً لما ستأتي به الأيام، هل يبقى “الحب” حيّاً في الدواخل حين نتغيّر، ولا شك أننا سنتغيّر؟، ربما كان اختيار “الخريف” في عنوانه إيحاءً بشيءٍ من الأسى والشقاء، ينتهي إليه المحبون عادةً.
يعود “خريف العشاق” للكاتبة ديانا جبور والمخرج جود سعيد إلى فترة السبعينيات، هناك يعيش أبطاله حكايات تتشابه في بداياتها ثم لا تلبث أن تأخذ كل منها طريقاً تتشعب فيه الأسئلة وتتعقد الإجابات في مرحلة شهدت تحوّلاتٍ وانعطافاتٍ في أكثر من منحى، امتدّ أثرها في المجتمع السوري حتى اليوم، ما يعطي العمل قيمة مضاعفة لجهة البحث في جذور ماآلت إليه طبيعة الحياة لاحقاً، حاولت الكاتبة التمهيد لذلك مرات والإشارة إليه صراحة مرات أخرى في حوارات بسيطة ظاهرياً، تتزاحم في عمقها عبارات الإنذار والرموز والمؤشرات لأحداث لم يسبق أن تناولتها الدراما، أهملتها أو مرّت عليها سريعاً أو ربما انحازت للأسهل والأبعد عن مفاجآت البحث في المنسي والمتروك.
أجمل ما في العمل إخلاصه لمختلف التفاصيل التي رافقت زمنه، بدءاً من اللوحات إلى طلاء الجدران وأشكال المفروشات، مع عناية ملحوظة بالأزياء التي انتشرت في عدد من دول العالم ووصلت بطبيعة الحال إلى منطقتنا فانتشرت السراويل الرجالية ذات الأرجل الواسعة “الشارلستون” والقمصان بياقات طويلة وألوان مبهجة كثيرة، رافقتها أحياناً قلائد كبيرة الحجم وأساور ملونة، مع موديلات الشعر الكثيف أو ما يسمى “خنافس”، في حين تميزت الأزياء النسائية بفساتين لها خصر عالٍ وتنانير برسومات مطبوعة مع تسريحات شعر بسيطة، ربما هي المرة الأولى التي نرى فيها هذه الأزياء في درامانا مُوظفة ، ضمن سياق مرحلة زمنية تأثرت بأفكار وتيارات عديدة، تجاوزت موضة اللباس والموسيقا والسيارات إلى طريقة التفكير فاختار أبناؤها كما يحكي “خريف العشاق” تحدي الفروقات بمختلف أشكالها، والرهان على “الحب” مهما كانت الخسائر والتضحيات، إن جازت تسميتها بذلك وإن أمكن أيضاً الفوز بذلك الرهان.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار