أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن مؤخراً أن التدخل العسكري الأمريكي في أفغانستان سينتهي بحلول 11 أيلول من العام الجاري، وأن آخر جندي أمريكي سيغادر ذلك البلد قبل عدة أسابيع من الذكرى العشرين للغزو الأمريكي للدولة الآسيوية في 7 تشرين الأول 2001.
في هذا السياق أشار مقال نشره موقع “وورلد سوشاليست” الأميركي إلى أن بايدن هو ثالث رئيس أمريكي يتعهد بإنهاء الحرب على أفغانستان، لكن حتى لو غادر الأمريكيون البلاد، سيظل هناك الآلاف من عملاء وكالة المخابرات المركزية والمرتزقة وسيواصل “البنتاغون” إلقاء القنابل وإطلاق الصواريخ بشكل أو بآخر أينما تدعي الولايات المتحدة أنها أهداف “إرهابية”، وفي الواقع إن إعادة نشر القوات القتالية الأمريكية في أفغانستان، كما هو الحال في العراق، أمر غير مستبعد.
وقال المقال: في الواقع يوفر إعلان بايدن فرصة لرسم الميزانية العمومية لأطول حرب في تاريخ الولايات المتحدة، والتي تسببت في معاناة هائلة لشعب أفغانستان وبددت موارد هائلة، وحسب الأرقام الرسمية، فقد قُتل أكثر من 100 ألف أفغاني في هذه الحرب التي خاضتها الولايات المتحدة من خلال الإرهاب، أي عبر قصف حفلات الزفاف والمستشفيات والاغتيالات باستخدام طائرات من دون طيار والاختطاف والتعذيب.
ورأى المقال أن تصريحات بايدن المختصرة التي أعلن فيها الانسحاب العسكري لم تشر إلى الأوضاع المتردية في أفغانستان والتي تتحمل الإمبريالية الأمريكية المسؤولية الأساسية عنها، مشيراً إلى أن هذه الحرب، القائمة على التحريف المتعمد لأهداف الولايات المتحدة الحقيقية، تم تسويقها للشعب الأمريكي كرد على أحداث 11 أيلول 2001، بينما كانت في الواقع حرباً عدوانية غير شرعية تهدف إلى السيطرة وإخضاع البلاد سعياً وراء مصالح الإمبريالية الأمريكية.
ولفت المقال إلى أنه لم تتم حتى الآن محاسبة الجيش الأمريكي على الجرائم التي ارتكبها في أفغانستان، ولا محاسبة المسؤولين في إدارة بوش التي أطلقت هذه الحرب في المقام الأول أو إدارة أوباما التي واصلتها، بل على العكس فقد تمت الإشادة ببوش الابن كـ”رجل دولة” وذلك في الحقيقة لأنه أقل فظاظة بالعلن وأقل ديكتاتورية من الرئيس السابق دونالد ترامب، وبالمثل تعامل وسائل الإعلام الرئيس الأسبق باراك أوباما كشخصية مشهورة على الرغم من أنه الرئيس الأمريكي الوحيد الذي واظب على شن الحروب طيلة فترة رئاسته.
وتابع المقال: إن طبيعة هذه الحرب، أو أي حرب أخرى، وكذا طابعها التقدمي أو الرجعي، لا تحددها الأحداث المباشرة التي سبقتها، بل بالأحرى الهياكل الطبقية والأسس الاقتصادية والأدوار الدولية للدول المشاركة، وتباعاً فإن الحرب الأمريكية على أفغانستان هي حرب إمبريالية، تمت سعياً وراء المصالح الدولية بعيدة المدى للنخبة الحاكمة الأمريكية.
وأضاف المقال: أدى انهيار الاتحاد السوفييتي قبل عقد من الحرب الأمريكية على أفغانستان، إلى خلق فراغ سياسي في آسيا الوسطى، التي تضم ثاني أكبر إيداع من الاحتياطيات المؤكدة من النفط والغاز الطبيعي في العالم، حيث تؤوي منطقة بحر قزوين، التي توفر أفغانستان منفذاً إستراتيجياً لها، ما يقرب من 270 مليار برميل من النفط، أي حوالي 20% من الاحتياطيات المؤكدة في العالم، كما أنها تحتوي على 665 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، أي ما يقرب من ثُمن احتياطيات الغاز على كوكب الأرض وهذا هو الهدف الرئيسي وراء الحرب على أفغانستان.