النقطة المفتاحية
تتخذ مسارات عملية التفاوض في فيينا، منحى تصاعدياً إيجابياً، يشي بقرب إعادة إحياء الاتفاق النووي مع انتقال المتفاوضين من مرحلة القضايا العامة، إلى القضايا الأكثر تفصيلاً وسط إصرار إيراني على رفع العقوبات الأميركية، لإتمام عملية العودة إلى الاتفاق وتحديد مسؤوليات كل طرف والتزاماته.
رفع العقوبات هو النقطة المفتاحية لما يليها لاحقاً, وإذا كانت النيات الأميركية صادقة بشأن شطب تلك العقوبات وإبطال أثرها على الاقتصاد الإيراني وحياة الشعب الإيراني بشكل عام عندها يمكن القول إن المعضلة القائمة في طريقها للحلحلة, وأما إذا كانت مجرد تصريحات ومحاولة لإطالة زمن عدم الاتفاق فهذا يدل على أن الأمور لا تزال معقدة والمسائل الإشكالية عالقة, والحل بدوره لا يزال تائهاً بين الفنادق الثلاثة الفخمة التي يجتمع فيها بشكل منفصل كل من الوفود المنخرطة بالمفاوضات وهي الوفد الإيراني والأوروبي والأميركي.
من خلال تتبع المواقف الأميركية نجد أن لهجة التصريحات التي تحدثت سابقاً وبإصرار عما سموه “إخضاع إيران” خفت كثيراً, ربما بدأت الإدارة الأميركية الجديدة تدرك أن التعامل مع إيران خلال 2021 يختلف كثيراً عما كان عليه عام 2015 أي لحظة التوقيع على الاتفاق النووي, والاختلاف الإيراني اليوم يكمن في قوة طهران الداخلية والخارجية من حيث قدراتها الدفاعية وعلاقاتها الإقليمية ومتانة جبهتها الداخلية أكثر من أي وقت مضى.
كذلك أدركت إدارة بايدن الذي لم يكن بعيداً عن العناوين الأولى للاتفاق الرئيسي، أن إستراتيجية الضغوط القصوى التي مارستها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب على إيران أخفقت تماماً ولم تؤت أكلها كما كانوا يتوقعون، وبالتالي بدأت الإدارة الحالية تضع خريطة جديدة للاستدارة.
الأيام القادمة ستكون كفيلة بإظهار صدق النيات الأميركية من عدمها خاصة أن اجتماعات فيينا وصلت إلى مرحلة رسم الخطوات التي يجب على الطرف الأميركي اتخاذها وعلى إيران اتباعها.