تقوم السياسة الأمريكية على اللف والدوران والكذب والنفاق والمراوغة، صفات باتت ملازمة لهذه السياسة بصرف النظر عن رئيس جمهوري وآخر ديمقراطي.
هذا ليس اكتشافاً، أو فيه جديد، لكن لابد من التأكيد عليه بين فينة وأخرى، لاسيما عندما تصدر واشنطن تقاريرها السنوية وتخلع الصفات والأحكام “المبرمة “على الدول الأخرى.
تقرير وزارة الخارجية الأمريكية السنوي حول حالة حقوق الإنسان في العالم حفل بأكاذيب تتناول انتهاكات مزعومة في دول العالم، والغريب والمستنكر بآن معاً هو استناد هذه “التقييمات” إلى تقارير المنظمات الإرهابية وداعميها ومموليها في المنطقة والعالم.
وكالعادة دائماً تضمن التقرير أكاذيب وادعاءات، إلا أنه يكشف عيوبه بنفسه ويفضح الأهداف الحقيقية لمثل هذه التقارير التي تظهر عنصرية وتدخلاً فاضحاً في الشؤون الداخلية للدول التي لا ترتبط بعلاقات تتميز بالتبعية للإدارة الأمريكية ومعدي هذا التقرير ليس هذا فحسب بل يذهب التقرير بعيداً في أضاليله وأكاذيبه التي تكشفت وباتت واضحة أمام العالم بأسره.
لقد تناسى أو تعامى معدو التقرير عن الجرائم التي ترتكبها الإدارات الأمريكية من انتهاكات خطيرة يعرفها كل العالم وفي الولايات المتحدة الأمريكية ذاتها بما في ذلك الإجراءات القسرية أحادية الجانب التي تنتهك كل حقوق الإنسان ولاسيما حقه في الحياة.. الأمر الذي يثبت أن الولايات المتحدة الأمريكية تتقدم على العالم كله في انتهاك حقوق الإنسان داخل حدودها وخارجها.
إن ادعاء الإدارة الأمريكية أن حقوق الإنسان هي أولوية في سياستها الخارجية يمثل قمة النفاق، فها هو شعب سورية يعاني في طعامه وصحته وشرابه وبيئته وفي مختلف نواحي الحياة الأخرى نتيجة للعقوبات الأحادية الجانب والقسرية والحصار الاقتصادي اللاإنساني الذي يهدف إلى تجويع وإفقار هذا الشعب علماً أن هذا التقرير المشؤوم لم يتطرق نهائياً إلى المأساة الحقيقية للشعب السوري والتي تتمثل بالإرهاب وتمويله من الولايات المتحدة التي تقوم بنهب النفط والقمح السوري بشكل مكشوف.
باختصار إنها الولايات المتحدة، الدولة المسؤولة عن الجرائم بحق الإنسانية، تتحفنا كل عام بتقاريرها الخاصة بحقوق الإنسان، وهي ذاتها المسبب الرئيس للمجاعات وتفشي الأمراض والحروب والدمار، سيدة النفاق في السياسة والكذب في الإعلام واستغلال المنظمات الدولية، وزادت على ذلك العبثية وتسويق شعارات براقة.
أميركا نفسها والتي تنصب نفسها وصيةً على حقوق الإنسان في العالم، تمارس العديد من الانتهاكات اللاإنسانية بحقّ البشر على امتداد المعمورة وحتى في الداخل الأميركي، ما صنع لها تاريخاً عريضاً من انتهاكات حقوق الإنسان، وشهدت البشرية جمعاء على أبشع جرائمهم، وهي التي تتصدر العالم اليوم في التدهور الاجتماعي والعنصرية وخير دليل ما أقره حاكم نيويورك مؤخراً لجهة شرعنة تناول الماريجوانا للترفيه، لتنضم تالياً إلى 14 ولاية أميركية أخرى، تتيح للبالغين تدخين الحشيشة من دون مواجهة مشكلات مع الشرطة، هذا إذا أضفنا أيضاً المشكلات التي تحصل في المدارس الأمريكية وعمليات القتل شبه اليومية وبعد كل هذا تتحفنا واشنطن بتقارير عن حقوق الإنسان وتوزع الاتهامات بحق الدول التي لا يتماشى نهجها مع السياسة الأمريكية، أليس هذا ما يبعث على الاستهجان؟.