تساؤلات على هامش المعرض الاستعادي الرابع لفنانات سوريات
تساؤلاتٌ كثيرة تُطالِعنا مع افتتاح المعرض الاستعادي الرابع لفنانات سوريات في كلية الفنون الجميلة ، تعرض فيه وزارة الثقافة لوحاتٍ مقتناة لـ 35 فنانة، كان بالإمكان إرفاقها ببضعة أسطر تُوجز للتجارب، وتُحدد مكانها في المشهد التشكيلي المحلي، ولاسيما أن بعضها مازال حتى اليوم موضع اهتمام وبحث، كما في أعمال «ليلى نصير، أسماء فيومي، شلبية ابراهيم، سارة شما» وغيرهن.
ما سألنا عنه، بدأ من فكرة تخصيص معرض للفنانات، كأنّ هناك فروقاتٍ تحكُم المنتج الفني النسائي والرجالي.. يعلّق الزميل والفنان أكسم طلاع: لا يوجد إبداع أنثوي أو ذكوري، لكن هناك عناصر في العمل الفني يمكن مقاربتها بملامح ذكورية أو أنثوية، يشترك فيها الطرفان. وهو ما تراه أيضاً الفنانة لجينة الأصيل، لأن الحكم على اللوحة يأتي من مضمونها، وما تبثه من مشاعر وروحانيات ومعانٍ.
أما كيفية تعاطي المجتمع مع الفنانة، فهو أمرٌ ساهمت فيه عدة عوامل، تقول الأصيل: المرأة لم تكن جدية دوماً في كفاحها ليكون لها حضورها في الفن أو في غيره، دائماً تنتظر الوقت المتبقي أو المتاح لأن وقتها مكرّس للعائلة مع إنها تمتلك طاقات كبيرة تمكنها من إنجاز مهام عدة، بخلاف الرجل الذي يصعب عليه التشعب بإنجاز أكثر من عمل.
وكما توضح الأصيل؛ فئات قليلة أعطت النساء حقوقهن كشريكات لكن المرأة أحياناً تظلم نفسها بعدم قبولها الاستغناء عن العادات والتقاليد التي تربت عليها، تضيف: عرفت خلال مشواري طالبات مجتهدات كن ينسين ويتخلين عن كل شيء بمجرد الزواج، وهذا لا يقتصر على النساء في مجتمعنا، شاهدت نساءً أوروبيات أغلقن الأبواب على أنفسهن، وسواء الرجل أو المرأة، لا يمكن للإنسان أن ينال حقوقه دفعة واحدة، يحتاج للعمل والمتابعة.
بعض الفنانات السوريات ناضلن فعلاً لإثبات وجودهن في زمن لم يقدم الكثير للنساء، تقول الفنانة غادة حداد: الطريق طويل يجب ألا نفقد خلاله المثابرة والرغبة في التجديد، والأهم هو بحث كل منا في ذاته وجوانيته وتقديمها للآخر، وهو ما قامت به أكثر من فنانة سورية، كنّ نقاطاً مضيئة وومضات في التشكيل السوري رغم غياب الدعم الإعلامي عن بعضهن، ولأنها تؤمن بأن النساء لسن ضعيفات أبداً، حرصت على أن تكون المرأة موضوعها الأول بانفعالاتها ومشاعرها، فقدمتها قوية بما فيها من أنوثة وأمومة وهدوء.
في السياق ذاته، لا يوافقنا طلاع في استخدام مفردة «نَقلة» في الحديث عن أسماء غيّرت أو أضافت تشكيلياً. يشرح لـنا: التشكيل السوري عمره لا يتجاوز القرن، وهو يتتبع خطا الآخرين، تالياً ما حدث من نَقَلات فالآخرون هم الذين أنتجوها، وهذا ليس انتقاصاً من موجودنا التشكيلي، لكن الإبداع يتطلب فكراً ومنتجاً جديدين، ومن جهة ثانية، لم تعد لوحة السطح المنتج الوحيد على المستوى البصري، لدينا اليوم طروحات مثل الفيديو آرت والأعمال التركيبية، هذا يحتاج مراجعة للوضع بأكمله.
في النتيجة، لا يوجد فنان أو فنانة حقق قفزاتٍ بمعزل عن الآخرين لكن البعض كان لهم حضور قريب وأمين وعميق في الثقافة السورية، أما القفزات فهي غير موجودة على حدِّ قوله في الفن والمعرفة، لأن التراكمات هي الأساس، في حين إن النقلات تتعلق بالفن بكليته، عندما ينعطف في اتجاه ما، سيكون التشكيل جزءاً من ذلك، كخيال وانعكاس جمالي، وليس حاملاً للفن التشكيلي ليصنع تغييراً أو انعطافاً.
تصوير: صالح علوان