ليس جديداً أو غريباً أو طارئاً وقوف سورية إلى جانب الأشقاء العرب، وحتى الأصدقاء، وتقديم المساعدة والعون لهم، حتى في أوج الأزمة التي تمر بها سورية حالياً.
الأخ للأخ، فكيف عِندَما يكون الأخ مريضاً، وبحاجة لابد للأخت الحنونة الكبرى أن تقف إلى جانبه حتّى يتعافى، وهذا حال سورية تِجاه لبنان.
شعب واحد في بلدين، هو ما يحكم العلاقة والتعاطي السوري مع لبنان على الدوام، موقف ثابت ومبدئي تجسد من جانب سورية قولاً وفعلاً عبر التاريخ، إيماناً منها بقدرها كشقيقة كبرى.
من وقف إلى جانب لبنان في جميع المواقف، ومن قدم دماً دفاعاً عن عروبة لبنان وسيادته ليسجل الانتصار الكبير على العدو الصهيوني لن يتوانى لحظة في دعمه مجدداً وإنقاذ أبنائه من موت كورونا، ولا شك أن ثمة فرقاً كبيراً بين هذا الموقف، وبين المواقف الاستعراضية.
مواقف الاستعراض والاستهلاك الإعلامي لها أصحابها، ولن نجد صعوبة في معرفتهم وقراءة تصريحاتهم ومواقفهم وحتى زياراتهم وإملاءاتهم ولا يخطئ متابع أو مهتم في إدراك الاستعراض المزيف الذي انكشف وتعرّى.
العائلات السورية- اللبنانية هي عائلات البيت الواحد وتحمل الاسم نفسه وتكاد لا توجد عائلة في أحد البلدين ليس لها أقارب في البلد الآخر.
وخلال الاعتداءات الإسرائيلية التي تعرض لها لبنان، وفي أعنف جولات الاقتتال الداخلي، ترك عشرات الآلاف من اللبنانيين منازلهم وحلّوا ضيوفاً على أهلهم وإخوانهم وأعمامهم وأخوالهم وأبناء عمومتهم في سورية، فعلاقات الأخوّة والتعاون وجدت مرتكزاتها الحقيقية والعملية على أرض الواقع، وجسّدت بإرادة صلبة وثقة متبادلة تطلعات الشعب الواحد في البلدين على أساس وقائع القربى والدم وتعمّدت بالتضحيات المشتركة في البلدين.
لذلك فإن مسارعة سورية لتلبية نداء لبنان ليست بالأمر الغريب أو الاستثنائي، فطبيعة البلاد الجغرافية والبشرية والاجتماعية والاقتصادية والتجارية تتطلب ذلك وتقتضيه بالضرورة الحتمية.
كنا نعتقد على ضوء ما نعاني في سورية جراء الأزمة والحصار والعقوبات الظالمة بأن لبنان رئة سورية التي تتنفس منها، فإذا بهذه الرئة تحصل على أوكسجينها من الأم عبر الحبل السري، الأمر الذي يعني أن التجارب المتتالية تثبت أن هذه الدول لا حياة لها إلا بالعودة لسياقها الطبيعي كمنطقة واحدة متشابكة متفاعلة.
لن نرد على بعض الأصوات اللبنانية الحاقدة، المشاغبة والجاحدة، فما صنعه الله لا يفرقه إنسان مهما اشتدت أحقاده، ومهما حاول أعداء البلدين أن يضعوا شرخاً ما بين البلدين فهم واهمون لأن الارتباط الجغرافي والاجتماعي والمصير المشترك أقوى منهم، وستبقى سوريه رئة لبنان وقلب العروبة النابض.
يكفي أن نشير إلى قول وزير الصحة اللبناني: “رغم الحاجة وزيادة الطلب على الأوكسجين في سورية جاءنا الرد بالإيجاب من منطلق الأخوة بين البلدين ما يثبت أن الرهان على الأشقاء في الأزمات رهان صائب”. باختصار عندما يقف الأشقاء مع بعضهم البعض ويتفقون، لا توجد قلعة قوية مثل حياتهم المشتركة معاً.