هل تمهد مفاوضات جنيف الطريق لاستقرار ليبيا؟
بعد أن عجزت البعثة الأممية إلى ليبيا عن حل الخلافات بين أطراف النزاع الليبي بعد محادثات سياسية دامت أكثر من 3 أشهر، تأتي المفاوضات التي تنعقد حالياً في جنيف بشأن المسألة الليبية.. فهل تنجح هذه المفاوضات «الفرصة الأخيرة» في وقف نزيف الدم الليبي؟
هذا ما أجاب عليه موقع «غلوبال ريسيرش» في مقال جاء فيه:
يلتقي أعضاء اللجنة الاستشارية المنبثقة عن «ملتقى الحوار السياسي» الليبي برعاية الأمم المتحدة في مدينة جنيف السويسرية من الأول إلى الخامس من شهر شباط الجاري، حيث تضم اللجنة 18 عضواً من مختلف الأقاليم والانتماءات السياسية، مهمتها مناقشة القضايا الخلافية العالقة وغير المتفق عليها والمتعلقة أساساً بآليات اختيار القيادة السياسية الجديدة في ليبيا، وتقديم المقترحات بشأن آلية اختيار المرشحين لشغل المناصب السيادية، وذلك بهدف الاستقرار على المرشّحين لمنصبَي رئيس المجلس الرئاسي ورئيس الحكومة، إضافة إلى تذليل العقبات وحلحلة الخلافات أمام عملية اختيار السلطة التنفيذية، على أن تحدد أعمالها لفترة زمنية لا تتجاوز الأسبوعين.
وحسب ما تَوصّل إليه الليبيون في اجتماعاتهم خلال الفترة الماضية، فإن المجلس الرئاسي سيتكون من 3 أعضاء ورئيس للوزراء، يعاونه نائبان، وسيتولّى المجلس إعادة توحيد مؤسّسات الدولة المفكّكة، مع السعي لفرض الأمن وتحقيق الاستقرار، حيث إن قائمة المرشّحين لتلك المناصب 45 شخصاً، من بينهم ثلاث نساء تكاد تكون فرصهن في الفوز معدومة.
وبموجب الخريطة الانتقالية، فإن السلطة التنفيذية الجديدة ستكون مسؤولة عن إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في الـ 24 من كانون الأول المقبل، شريطة أن تلتزم بجميع الأحكام والإجراءات الصادرة عن «ملتقى الحوار السياسي» وهو الدور المنوط برئيس الحكومة بالدرجة الأولى، وستقوم الحكومة، طبقاً للرؤية الأممية، بوضع برنامج يضمن تنفيذ كل التعهّدات المتّفق عليها وفق مخرجات «ملتقى الحوار» والتي ستُعرَض على مجلس النواب من أجل نيل الثقة، في خطوة تستهدف إعادة لم المجلس الذي لم ينعقد منذ عام 2014 وحتى اليوم.
ويتولى رئيس المجلس الرئاسي عدّة مهمات؛ منها وظيفة القائد الأعلى للجيش، مع أحقيّته في تعيين القيادات وفق التشريعات والقوانين المُطبّقة، وصلاحيته في إعلان حالة الطوارئ وقرار الحرب والسلم بعد موافقة مجلس النواب، فضلاً عن تشكيل مفوّضية وطنية عليا للمصالحة، وإطلاق مسار المصالحة، شرط أن تكون جميع قرارات المجلس بالإجماع، مع بطلان ما يصدر خلاف ذلك.
إن النظر إلى المسار الراهن للأحداث السياسية في ليبيا يدفع إلى الاستنتاج بأن الحصيلة متوسطة المدى لن تكون انتصار أحد الأطراف، بل تكاثُر أمراء الحرب المحليين المتنافسين والمجموعات المتطرفة، وانهيار ما تبقى من مؤسسات الدولة، ونضوب الاحتياطات المالية (المتأتية من إيرادات النفط والغاز والتي يتم إنفاقها على الأغذية والمشتقات النفطية المكررة المستوردة) وتفاقم الصعوبات التي يواجهها الليبيون العاديون بدرجة كبيرة.
المجموعات المتطرفة، التي تتنامى أصلاً، ستجد تربة خصبة، بينما سترتفع وتيرة التدخل الإقليمي، لذلك ينبغي على الجهات الفاعلة المهتمّة بمستقبل ليبيا أن تغتنم فرصة الاختراق الدبلوماسي الذي حققته الأمم المتحدة في كانون الثاني في جنيف والذي يشير إلى احتمال وجود مخرج سلمي من هذا الوضع.
فهل يتوصل أعضاء اللجنة خلال مفاوضات جنيف المنعقدة حالياً إلى آلية واحدة لاختيار السلطة التنفيذية من أجل تحقيق اختراق في المسار السياسي الذي قد يصطدم بجدار اختيار المناصب السيادية لتمهيد الطريق أمام انتخابات برلمانية في نهاية العام الحالي؟