جلسة لمجلس الأمن حول سورية تكشف وتوثّق.. أميركا تستبق بالتصعيد وجيشنا يعيد رسم ‏معادلات الميدان

تشرين- هبا علي أحمد: 

سريعاً وبشكل دراماتيكي يتحول الميدان السوري- الذي أشعل منذ فجر الأربعاء الماضي- إلى ‏ساحة اختبار النيات ما ظهر منها وما أعلن، وإن كانت الدولة السورية على علم مسبق بمجمل ‏النيات مع إدراك الاصطفافات السياسية مسبقاً، لكن المعركة القائمة حالياً في الميدان والسياسة ‏ستكشف أكثر الدعم الأميركي- الغربي- التركي والإسرائيلي لكل الفصائل الإرهابية التي ‏تعمل رهن إشارتهم.. ستكشف أمام الرأي العام العالمي حقيقة ما جرى ويجري في سورية ‏منذ 14 عاماً، ولا سيما أن ذلك الرأي بات أكثر انفتاحاً وإدراكاً لحقيقة ما يجري في منطقتنا ‏غداة العدوان الإسرائيلي على غزة مروراً بلبنان وصولاً إلى سورية مع التحضير لما بعد ‏سورية. ‏
اليوم ومع الاجتماع الطارئ الذي يعقده مجلس الأمن الدولي مساء بطلب من سورية، لمناقشة ‏الهجوم الإرهابي على الشمال السوري والوضع في حلب «حظي الطلب السوري بدعم من ‏الجزائر العضو العربي في مجلس الأمن وروسيا والصين وغويانا وموزامبيق وسيراليون».. ‏مع هذا الاجتماع سنرى حجم الانخراط الأميركي في المعركة القائمة تبعاً لتصريحات مندوب ‏الولايات المتحدة والأكيد أنها ستحمّل الدولة السورية المسؤولية، وإن لم تدعم علنياً ‏المجموعات الإرهابية، فستساوي بين تلك المجموعات والدولة السورية، إضافة إلى تحميل ‏حلفاء سورية المسؤولية، هذا إن لم يكن ما يخلص إليه الاجتماع بمنزلة ضوء أخضر أميركي ‏للمجموعات الإرهابية بالتصعيد، ومن المؤشرات الأولية للتصعيد ما أوردته الخارجية ‏الأميركية أمس بقولها: نأمل من كل الدول المعنية التي لديها نفوذ مع سورية ممارسة ‏ضغوط عليها للامتثال للقرار الأممي 2254.‏

‏إيعاز أميركي لميليشيا «قسد» ببدء الهجوم على مواقع الجيش العربي السوري

على ما يبدو أن التصعيد الأميركي بدأ سلفاً، وأشارت معلومات إلى إيعاز قوات الاحتلال ‏الأميركية إلى مسلحي ما يسمى «مجلس دير الزور العسكري» التابع لميليشيا «قسد» ‏الانفصالية، ببدء الهجوم على مواقع الجيش العربي السوري في سبع قرى في ريف دير ‏الزور الشمالي، بالتزامن مع الهجوم الذي نفذته «هيئة تحرير الشام» ومجموعات إرهابية ‏أخرى على حلب وريف إدلب وريف حماة، وانتهى الهجوم بتصدي الجيش العربي السوري له ‏بدعم من القوات الرديفة والعشائر العربية له من دون تحقيق أي تقدم يذكر للميليشيات، حتى كتابة ‏هذه السطور، حيث إن مجريات الميدان قد تتغير بأي لحظة، لا سيما أن الميليشيات وقوات ‏الاحتلال الأميركي ردت على الفشل باستهداف عدة قرى بقذائف المدفعية الثقيلة. ‏
وتحدثت مصادر عن أن هذا الهجوم يأتي بعد نحو شهرين من مفاوضات تقودها واشنطن مع ‏ميليشيا «قسد» الانفصالية لإقناعها بضرورة القيام بعملية عسكرية محدودة في ريف دير ‏الزور، تستهدف وقف هجمات فصائل المقاومة ضد القواعد الأميركية غير الشرعية. ‏
أيضاً في سياق التصعيد، كان لافتاً ما أشارت إليه مصادر أمس عن معلومات تؤكد أن تنظيم ‌‏«جبهة النصرة» الإرهابي في طور التحضير لاستخدام غازات سامة ضمن تجمعات سكانية ‏بريفي حلب وإدلب، في مسلسل جديد لرواية استخدام أسلحة كيميائية لتحريك الرأي الدولي واستعطافه، ‏وهذا لن يتمّ إلا بإشراف أميركي حتماً، وبعدها يعود مجلس الأمن للانعقاد بطلب أميركي ‏وإدانة الدولة السورية. ‏

الجماعات الإرهابية في سورية تحركت بدعم أميركا والكيان الصهيوني

في المقابل تسعى الدول الحليفة للدولة السورية بكل ما أمكن إلى وضع حد للمعارك الدائرة حالياً ‏قبل أن ينفجر الوضع الذي سيؤثر بلا شك في مصالحها ونفوذها، ومن الطبيعي أن تعمد أي ‏دولة إلى حماية مصالحها، ولكن الفرق بين حلفاء سورية بأنهم ينطلقون من تحقيق أمن واستقرار ‏سورية لحماية مصالحهم، في حين يحمي المحور الأميركي مصالحه بزعزعة الأمن ‏والاستقرار.‏
وفي السياق المذكور أشار وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى اجتماع ‏محتمل في الدوحة الأسبوع المقبل يضم قطر وإيران وتركيا وروسيا لبحث الوضع في سورية.‏
وقال عراقجي خلال الاجتماع الـ 28 لوزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي ‌‏(إيكو): تحركات الجماعات الإرهابية في شمال سورية هي بدعم من الولايات المتحدة والكيان ‏الصهيوني، وتتطلب تنسيقاً ورداً فورياً من المجتمع الدولي.‏
في حين قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا: العمل جار حالياً بشأن ‏التحضير لعقد اجتماع للدول المشاركة في صيغة أستانا بشأن سورية.‏
على العموم، وعلى اعتبار أننا في حديث اختبار النيات على الساحة السورية، حيث يتحدد ‏مصير الشرق الأوسط برمته، فإن الدول العربية الإقليمية أمام لحظة الحقيقة لإظهار مدى ‏حسن نياتها التي بدأت تظهر تباعاً بعد عودة سورية إلى جامعة الدول العربية في آذار ‌‏2023، إلّا أن تطبيقها يتم الآن وحيث يعيث الإرهاب فساداً وخراباً.‏
البوادر الإيجابية بدأت بتحركات سياسية واتصالات مع الدولة السورية منذ بداية الهجمة ‏الإرهابية الحالية، لكن العبرة تبقى في التنفيذ والخواتيم وشكل التفاهمات التي تضع حداً لهذه ‏الحرب الإرهابية.‏

‏الجيش العربي السوري يتجهز لمعركة كبيرة تتجاوز حدود «أستانا»‏

ودائماً شكل التفاهمات سيفرضه ميدان المعارك، حيث يستكمل الجيش العربي السوري ‏الاستعداد لمعركة كبرى مع رسم معادلات جديدة تحدثت عنها عدة مصادر بالقول: إن الجيش ‏العربي السوري يتجهز لمعركة كبيرة قد يذهب فيها بعيداً، وتتجاوز حدود «أستانا» ومناطق ‌‏«خفض التصعيد»، خصوصاً أن المجموعات الإرهابية هي التي خرقت هذه الاتفاقية. ‏
وقامت وحدات الجيش العربي السوري بتثبيت نقاطها في محور بلدة خطاب بريف حماة ‏الشمالي مع مواصلة استهداف التنظيمات الإرهابية بمحيط البلدة، كما وجّه الطيران الحربي ‏السوري- الروسي المشترك ضربات جوية وصاروخية مركزة على ريف إدلب الجنوبي وريف ‏حماة الشمالي وأوقع عشرات القتلى والجرحى في صفوف الإرهابيين مع تدمير آلياتهم ‏وأسلحتهم.‏
وأشارت مصادر إلى أن وحدات الجيش تعمل على تدعيم الخطوط الدفاعية والإسناد على ‏المحور الشمالي بريف حماة تمهيداً لبدء الهجوم المضاد ضد التنظيمات الإرهابية في تلك ‏المنطقة.
وفي وقت سابق، شهدت الجماعات الإرهابية انهياراً دراماتيكياً على طريق خناصر – أثريا ‌‏(محور خناصر الاستراتيجي يمثل بوابة حلب الجنوبية الشرقية) مع تعمق تقدم الجيش العربي السوري ‏باتجاه ريف حلب الجنوبي، إضافة إلى تقدم الجيش باتجاه السفيرة، ما يعني أنه يعود سريعاً إلى ‏عمق أرياف محافظة حلب.‏

 

إقرأ أيضاً:

حلب والمشهد الإقليمي المفتوح/ المغلق.. انكشاف كامل لحجم ومسار المخطط الأميركي-‏ الإسرائيلي- التركي.. العين على العراق وتركيز على إيران وروسيا

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار