أكثر ما كان يُقلق كيان الاحتلال الإسرائيلي منذ تشرين الأول 2023 «وحدة الساحات» بين قوى وأطراف محور المقاومة الذي امتد وتفعّل بصورة أكبر مع بداية العدوان على غزة، ويمكن إدراك استمرار العدوان الذي اتسع ليشمل ساحات إقليمية بعد غزة إلى لبنان وحالياً سورية وما بينهما استهداف غير مباشر لإيران.. فشل العدو في إجهاض هذا العنوان أي «وحدة الساحات»
اليوم ومع إعادة تفعيل وتنشيط الحرب على سورية المستمرة منذ 14عاماً وبالأدوات الإرهابية والأجندات القديمة ذاتها مع توسيعها لتشمل إيران وروسيا في الوقت ذاته باعتبارهما حليفين للدولة السورية، ولغايات ولمصالح أخرى مرتبطة بأطراف إقليمية ودولية أبرزها الولايات المتحدة، مع ذلك اليوم تتعزز وحدة الساحات أكثر، بل أكثر من ذلك نحن أمام نوعين من «وحدة الساحات» الأول ميداني وهو واحد منذ ما قبل كل الاعتداءات الصهيونية في الإقليم وسيبقى ولن يتبدل، ربما تتبدل الأهداف التكتيكية أما الاستراتيجية واحدة لا تتبدل وهي مواجهة العدو الصهيوني بشكل مباشر وغير مباشر عبر أدواته ووكلائه تماماً كما اليوم في الشمال السوري.
النوع الثاني من «وحدة الساحات» سياسي ظهر سريعاً مع بداية الهجمة الإرهابية الجديدة على سورية، حتى من دول عربية- إقليمية عُرفت بدعمها مادياً ولوجستياً للإرهابيين على مدار سنوات الحرب، واليوم أعادت تموضعها بدعمها الكامل لسورية وسيادتها وتحرير أراضيها من الإرهاب، وكان لافتاً الاتصالات العربية- الإقليمية مع الدولة السورية أمس والمستمرة إلى اليوم، وهذا يعني أن المناخ العربي- الإقليمي بات جاهزاً ومفتوحاً بشكل أكبر أمام سورية لتحرير أراضيها، مع العلم وللتوضيح أن الدولة السورية ليست بحاجة لمناخ معين لتحرير أراضيها، وهي تمتلك من أدوات القوة ما يُغنيها.. من جيش صامد وقيادة حكيمة والتفاف طيف شعبي واسع واعٍ لما جرى ويجري..
ربما الأصح القول إن الصمود السوري- جيشاً وشعباً وقيادة – ومواصلة معركة التحرير رغم كل الحصار والعقوبات الاقتصادية التي أثقلت كاهل السوريين، فرض بكل ثقله مناخاً عربياً –إقليمياً هو أحوج ما يكون لعودة الأمن والأمان والاستقرار إلى سورية وبسط سيادتها على كامل أراضيها، بما يسد الطريق على امتداد المخطط الصهيوني ليشمل مساحات إقليمية/جغرافية أوسع، وأحوج ما يكون للاستقرار لإعادة بناء مصالح اقتصادية وتشابكات اقتصادية دولية تقتضيها المرحلة الراهنة.
طبعاً اعتدنا كل التصريحات والمواقف العربية التي تقف عند حدود الكلام ولنا في فلسطين وما يجري في غزة أكبر دليل، ووحدة الساحات الحقيقية هي الميدانية، وهي ما نعوّل عليها دائماً، لكن السياسية في هذه المرحلة بالذات ضرورية وتعد رصيداً إضافياً في نقاط القوة للدولة السورية التي ثبتت على نهجها ومواقفها وأثبتت صحة خياراتها، ونعود للتأكيد أن وحدة الساحات السياسية تصب في مصلحة كل الدول ويُبنى عليها في المرحلة المقبلة عندما تضع كل الحروب الدائرة حالياً أوزارها، من هنا فإن العودة إلى الوراء وتكرار سيناريو 2011 في سورية ليس في مصلحة أي دولة عربية كانت أم إقليمية أم دولية لجهة الدول الداعمة للدولة السورية، وإلا فإن الخسارة ستشمل الجميع بلا استثناء.
هبا علي أحمد
326 المشاركات