دراما الكلمات المتقاطعة
منذ وَجد أحدهم فتاةً صغيرة وربّاها، ليكتشف لاحقاً أنها أمه، كما تقول النكتة، وعددٌ من كتّاب الدراما يملؤون الشاشة بسيناريوهات على مبدأ «المتاهة»، تتشابه طرقها وتفرعاتها، ولا أحد يعرف متى تكون النهاية، مادامت الأحداث تتوالد وتتالى من دون أن يحكمها منطق أو سيرورة واضحة، والأصح أنها ليست أكثر من «تخريجات» درامية، فالأصدقاء فيها مشاريع أعداء، والخلافات لا يمكن أن تنتهي، أسرار بالجملة وقرابات مخفية، صراعات جوفاء وتطورات تنقصها المبررات، ولو أردنا عملاً يجتمع فيه كل هذا الخليط لكان مسلسل «عروس بيروت» في جزأيه الأول والثاني، المثال الأهم (كتابة نادين جابر وبلال شحادات وإخراج إيمره كاباكوساك)، فالعمل المأخوذ عن آخر تركي تقترب حلقاته من العدد 170، في إعادة تدوير للنسخة الأصلية إخراجاً وتصويراً ونصاً، بالطبع السؤال الأهم هنا يتعلق بالغاية من إعادة إنتاج عمل قُدم سابقاً لجمهور آخر، في حين كان بالإمكان الاتكاء على ما تم عرضه لإنتاج عمل يحمل الصبغة العربية، لن نفترض له مواصفات معينة لكن على الأقل يبتعد عن فكرة «الكلمات المتقاطعة»، حيث تتشابك الحروف وصولاً إلى كلمة السر.
وعلى العموم، لا يبني الجزء الثاني للعمل أحداثه على الأول بقدر ما يدور في فلكها، فقصة الحب التي تجمع بين «ثريا» الفتاة البيروتية وزوجها «فارس» لا تزال عرضة للاختبارات، بدأت برفض والدته لزواجهما، واستمرت مع ظهور صديقته السابقة وابنه، إلى ما هنالك من أحداث تفرعت عن أخرى، منها ظهور «آدم» شقيق «فارس» من أم ثانية، وسفر «ثريا» إلى دولة أخرى والتقائها بأخ صديقتها، وهو محام يسعى لاحقاً للتفريق بين الزوجين، هكذا تتشابك خطوط العمل في «دويخة» مملة ومُستفزة توازي الدراما المكسيكية في حبكاتها الغريبة، وتعود بنا إلى فترة نشاط «الدبلجة» قبل أعوام، وما جاءت به من تساؤلات ومفاجآت على صعيد الفرجة ورغبات الجمهور، يظهر أنها ما زالت قائمة حتى اليوم، فهل يحظى «عروس بيروت» بمتابعة الجمهور لأنه ينحاز للحب بين بطليه كمحور قائم بحد ذاته، أم لأنه يمزج بين بيئتين فيهما كثير من التشابه والاختلاف، لعله يبحث عن نهاية تتيح له الحكم على مسلسل طويل خارج عن المألوف محليّاً؟.