نكاد لا نتذكر، أنه في كل مرة أعلنت فيها “إسرائيل” عن مشروع استيطاني جديد، لم يكن هناك «رد/تصريح» من الاتحاد الأوروبي لذلك، هذا يعني أن الردود الأوروبية مستمرة منذ عقود، فماذا جنى الشعب الفلسطيني منها سوى مزيد من الاستيطان؟
آخر مرة فعل فيها الاتحاد الأوروبي ذلك كانت أمس تعليقاً على إعلان “إسرائيل” بناء أكثر من 800 وحدة استيطانية في الضفة الغربية (ما يسمى المنطقة C التي يفترض أنها جزء من أراضي الدولة الفلسطينية الموعودة) داعياً “إسرائيل” «لوقف الاستيطان والتركيز على استئناف الحوار» معتبراً أن موقفه هذا تجاه الاستيطان “لطالما كان ثابتاً” باعتباره غير شرعي بناء على القانون الدولي.
حسناً، ماذا يفيد هذا الكلام.. في عاميتنا نقول «الكلام ما عليه جُمرك» ومثل هذا الكلام لا يثير أدنى رد من “إسرائيل” ولا يمثل أي إدانة من أي نوع لها ولممارساتها الاستيطانية العدوانية، حتى أن الاتحاد الأوروبي ينتقي كلماته بعناية عندما يتحدث عن الاستيطان متجنباً استفزاز “إسرائيل”، إذ إنه «يدعو» ولا «يدين» و«يحث» ولا «يطالب» ويعرض في كل مرة كيف أن الاستيطان ينتهك القانون الدولي لكنه في الوقت نفسه لا يطالب باتخاذ موقف أو فرض عقوبات أو حتى التلويح بها لبضعة أيام أو ساعات من باب الضغط على “إسرائيل”.. وهكذا يظهر الاتحاد الأوروبي وكأنه يتحاشى إغضاب “إسرائيل”، ويُرضي في الوقت نفسه الجانب الفلسطيني بالزعم أنه “فعل المطلوب منه”.. وعليه فإن “إسرائيل” لا تقيم وزناً لهذا الكلام الأوروبي، طالما أنه كلاماً سيتحول في النهاية رجع صدى لا أكثر ولا أقل.
ولأن الحال كذلك سيستمر الاستيطان ولا فائدة هنا من ربطه بمسألة انتقال السلطة في الولايات المتحدة باعتبار أن “إسرائيل” سارعت للإعلان عن مشروعها الاستيطاني الأخير قبل أيام من انتهاء ولاية ترامب المؤيد للاستيطان، وبدء ولاية بايدن.
ترامب وبايدن سواء تجاه “إسرائيل”؛ ألم يعلن عدة أعضاء من فريق بايدن، ومبكراً جداً، أن هذا الأخير معجب بسياسات ترامب في المنطقة وعلى رأسها تصفية القضية الفلسطينية وأنه لا ينوي تغيير هذه السياسات.. ألا يعني هذا حكماً أنه سيتحول لاحقاً إلى داعم للاستيطان باعتباره أحد عوامل تصفية القضية الفلسطينية.. هنا مربط الفرس، وليعفنا الأوروبيون وغيرهم من سماع دعواتهم طالما أنها لاتُسمن ولا تُغني.