“الحرية” للإرهاب!
لم يعد الوجه الأمريكي ومثيله الأوروبي بحاجة إلى أقنعة ليتلطى خلفها، فالأقنعة سقطت منذ زمن وكشف المستور، واليوم يُظهر أولئك وقاحتهم بطريقة فجّة وصريحة وكأن لسان حالهم يقر ويعترف بأن كل المزاعم السابقة والتباكي على الإنسانية و”مكافحة” الإرهاب كانت محض خداع، بينما الحقيقة هي دعمهم للإرهاب من دون الخشية من أي محاسبة أو مساءلة قانونية أو أخلاقية، وكأن أولئك يضعون أياديهم في “الماء البارد” كما يقال.
الحماية الأمريكية والغربية للإرهاب ليست بالحدث المفاجئ وغير العادي بل العكس هو المفاجئ، لذلك فإن إطلاق سراح ما يسمى المتحدث السابق باسم تنظيم “القاعدة” الإرهابي المدعو “عادل عبد الباري” من أحد السجون الأمريكية وعودته إلى بريطانيا وإقامته في أرقى شوارع لندن(!) يأتي في السياق الطبيعي لتلك الحماية أولاً، وثانياً في سياق الدعم الغربي اللامحدود للإرهاب والاستثمار الدولي به.
هي ازدواجية المعايير التي عودنا الغرب والأمريكي عليها، وهي التحضير لأشواط جديدة من العمليات الإرهابية في بقاع العالم البعيدة عن أراضيهم، فالمهم بالنسبة لأولئك استمرار الفوضى وإراقة الدماء والأهم أن تكون خارج أراضيهم وأن لا تكون شعوبهم هي الضحية، فإطلاق سراح الإرهابي “عبد الباري” يأتي لسببين الأول: إبعاده عن الأراضي الأمريكية خوفاً من تنامي العنف والتطرف في السجون الأمريكية المليئة أساساً بالمتطرفين، وما عودته إلى بريطانيا إلا فترة مؤقتة، والثاني: إعادة تحضيره في بريطانيا ودعمه لوجيستياً أي إعادة تدويره للمزيد من العمليات الإرهابية في منطقتنا، وربما نجد اسمه كمتزعم لإحدى التنظيمات الإرهابية قريباً.
ازدواجية المعايير تتضح يوماً بعد آخر وبشكل فج، فمن المفارقات الصارخة أن يُعطى إرهابي قتل وعاثَ خراباً ودماراً صك “براءة” وتسمى التنظيمات الإرهابية “معارضة معتدلة”، بينما يلهث الأمريكي لتصنيف حركات المقاومة بـ”الإرهابية” –لنا في حزب الله اللبناني مثال- لمجرد أنها تقف في وجه المخططات الأمريكية- الصهيونية المُعدة لتقسيم وشرذمة المنطقة.
في جميع الأحوال، الغرب ذاق وبال آثامه بحق الشعوب وما زال يذوق، فالإرهاب الذي منحوه “الحرية” يرتد دائماً على أراضيهم وتدفع شعوبهم الفاتورة.