لم تعد اليوم عقوبة السجن بحق الصرافين غير الشرعيين ومنفذي عمليات تحويل العملات الأجنبية إلى الخارج عبر أنفاق مظلمة، عقوبة كافية تشفي غليل ما اقترفته أيديهم من جرائم اقتصادية، بل إن اتخاذ أشد العقوبات بهم هو ما يجب فعله حتى يكونوا عبرة لغيرهم، ولكن، هل هم المسؤولون فقط عن تدهور الأسعار ارتفاعاً، وتحميل المواطن أعباء أفعالهم الشنيعة؟
صحيح أن هؤلاء هم مرتزقة الحرب والأزمات، وتم ضبط عدد منهم مؤخراً حسب بيان لهيئة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ولكن إذا ما صح القول بأنهم يشكّلون سبباً من أسباب خسارة الليرة لجزء مهم من قيمتها أمام الدولار يُضاف إلى أسباب الحصار الاقتصادي، إلا أن هناك من اقتات على جرائم المتلاعبين بالعملة المحلية وتحولوا إلى مرتزقة انتهزوا فرصة ارتفاع سعر الصرف وتسلقوا على أكتاف المواطنين طمعاً بربح خمس أو عشر ليرات زيادة.
ومن يقول: إن رفع الأسعار من دون مسوغ ليس جريمة اقتصادية كجريمة التلاعب بالعملات، مخطئ وجاهل وأُمي، فكلا الجريمتين تستهدفان الاقتصاد والمواطنين، وتحتاجان الضرب بيد من حديد، وليس تنظيم مخالفة لا تتعدى غرامتها 25 أو 50 ألف ليرة تعطي للمُخالف المتنفس للهروب الشرعي من تلاعبه بقوت المواطنين.
وكما تُطبق القوانين الناظمة لمعاقبة مرتكبي الجرائم الاقتصادية بمختلف أنواعها وأشكالها بالسجن الذي يصل إلى 5 أو 10 سنوات، وبغرامات مالية كبيرة، كذلك يجب أن تكون قوانين حماية المستهلك صارمة، لدرجة أن تجعل التاجر يفكر ألف مرة قبل ارتكابه أي مخالفة، لذلك لابد للجهات المعنية بحماية المستهلك من أن تعيد النظر بجميع قوانين التجارة الداخلية والقرارات، ولاسيما فيما يتعلق بالعقوبات وبمعزل عن أي مؤثرات خارجية.
وليس من باب الاتهام، بل من باب الحقيقة، إن من يقوم بالمتاجرة بالعملات وتهريبها، ويزيد من الضغط على العملة المحلية مستغلاً ظروف المرحلة الراهنة، مرتزق، ومن يتبنى نتائج أفعاله ويعكسها عبئاً على المواطنين طمعاً بالربح، مرتزق مثله، وكلاهما لا يختلف عملهما عن أي إجراءات وتدابير اقتصادية تقوم بها الجهات المعادية في حربها الاقتصادية التي تستهدف قوت المواطن السوري.