نأمل أن يعود البريق إلى سوق الإقراض كما في السابق، لأن الحراك الاقتصادي سيبقى أعرج ما لم تتوافر شروط للتمويل بميزات تفضيلية، وجاذبة للمشاريع، ولاسيما في المصارف العامة التي تجهد اليوم من أجل توظيف أموالها وتعويض ما فاتها من أرباح طوال فترة توقف الإقراض.
ومن يعتقد أن استئناف منح القروض وتمويل المشاريع في قطاعات مختلفة سيُنشط المصارف العامة، فهو مخطئ تماماً، لأن سنة كاملة وربما أكثر مضت على الاستئناف، وما زالت هذه المصارف تعاني افتقار المقترض، حتى قروض الدخل المحدود بسقف لا يتجاوز 500 ألف ليرة، تراجع الإقبال عليها بشكل ملحوظ في المصارف المانحة.
هناك من يقول إن تخوف المتعاملين من القانون /26/ الناظم لتسوية ديون المصارف العامة هو السبب في عدم الإقبال على القروض، ولكن هذه النظرية غير دقيقة، لأن المقترض في هذه الحالة سيكون واضعاً في حسبانه عدم السداد بعد حصوله على القرض، ولديه تخوف من الملاحقة القضائية، وهو أمر غير منطقي، فإلغاء القانون المذكور لإزالة عامل التخوف لدى المقترضين سيهيئ الفرصة أمام تبديد الأموال، وتالياً الدخول مجدداً في نفق التعثر والملاحقة، ولاسيما أن المصارف العامة لم تخرج من هذا النفق بعد، وأمامها مسافات طويلة لتخرج منه، لذلك يبقى الحل بتعديل القانون وإتاحة الفرصة لمساعدة المقترضين المتعثرين في الحصول على قروض جديدة من خلال هيكلة ديونهم وجدولتها، وبمعنى أدق إحلال مبدأ تعويم الدين والمدين، وهو ما يقوم مصرف سورية المركزي على دراسته بالتشارك مع إدارات المصارف العامة.
والبعض الآخر يرى أن تغيير شروط الدين وتسهيل إجراءات التمويل هما ما يجب أن تعمل عليها المصارف العامة التي تنتظر قدوم العميل إليها في وقت تذهب المصارف الخاصة إلى العميل صاحب الملاءة المالية الضخمة وتُقدم له منتجاتها مع قائمة من التسهيلات المُريحة، فعامل التسويق للمُنتج المصرفي مع شرح مبسط للإجراءات وإزالة أي عقبات يمكن أن تعترض المقترض أمر مهم جداً ويُحفز على إزالة التخوف، ومن جهة أخرى، على المصارف العامة أن تُعدل في تعليماتها التطبيقية بما يتمشى مع متطلبات المرحلة الراهنة والقادمة، لا أن تقتصر في التعديل على الحالات الفردية، مراعاة لمصالح عميل أو اثنين.