لماذا التهريب.. وربما السؤال الأصح من يستفيد من التهريب؟
المواطن يكاد يكون العنصر الحيادي الماصّ لكل الأزمات بصدر يكون رحباً تارةً ويضيق تارةً أخرى, فهو مغبون بشراء مواد لا يعلم مصدرها ومغبون بأسعار مرتفعة لأنها مواد مهربة ومغبون بالثلاثة لأنه ضد التهريب، فكراً وقلباً وقالباً، لكنه خارج حدود مساحة التفعيل ؟!
ولنتفق على أن المواطن العادي والصناعي والتاجر البسيط من المتضررين أيضاً! وتهريب ما يتم تهريبه من مواد بكميات تكتسح السوق قلة من الأشرار والفاسدين.. أما بعض الفعاليات الصناعية أو الاقتصادية فليست لديها المقدرة أو الرغبة في منافسة منتجاتها المحلية وبالتالي لا تدخل على خط حملات التهريب ومخاطرها والدفع من فوق الطاولة والدفع من تحت الطاولة والتحايل واللف والدوران «للهط» أرباح خيالية لا تمر إلا بمعجزة أو عبر بوابات الفساد .
ومن هنا، فإن الحملة الحكومية على التهريب التي يبدو أنها ستكون هذه المرة مختلفة عن سابقاتها، ستجد لها داعماً كبيراً من المواطنين وأصحاب الحرف والمنتجات والصناعيين، وستجد صدى لشعاراتها، لأنها تشكل أملا ً كبيراً يأمل كل مواطن سوري أن يتحقق في مكافحة الفساد والتهريب، لأن في ذلك فائدة مباشرة للجميع على المستوى الوطني، وعلى المستوى الفردي.
ولا شك في أن تحقيق نجاح ملموس في كبح التهريب لن يكون سهلاً من دون مشاكل وصعوبات عدة لأن المشكلة متراكمة منذ سنوات طويلة، والتغلب عليها يحتاج جهود الجميع من مؤسسات الدولة والمجتمع والمواطنين، وبالتأكيد لن يكون الأمر متعلقاً بمديرية الجمارك فقط وإنما بجميع المؤسسات العامة والخاصة وكل مواطن، رغم أن الجهد الأساس يقع على عاتق مديرية الجمارك المكلفة رسمياً بمكافحة التهريب.
ولعل هذه المناسبة هي خير توقيت للإعلان عن المشاركة الفعلية للمواطن لتحقيق نتيجة على أرض الواقع، ولاشك في أن ضمان مشاركة المواطن من مختلف الشرائح الاجتماعية والاقتصادية يعني النجاح في التغلغل بمكافحة التهريب إلى العمق، لأن المواطن أولاً وأخيراً هو على تماسٍ يومي مع السوق وهو القادر على التغلغل في كل مكان واكتشاف البضائع المهربة والإبلاغ عنها عبر وسائل التواصل أو الجهات المعنية .
وغني عن القول أن البطل الحقيقي في مكافحة الفساد واليد العليا ستكون من قبل المواطن عندما يكون عين الحكومة وقلبها ويدها وضميرها .واليوم هو يستحق أن نرفع له القبعة!