الدالاتي يتحدث عن أسرار وحيثيات عملية ردع العدوان: العملية أسقطت الدولة العميقة للنظام البائد
الحرية – رصد ومتابعة سامر اللمع:
عبر تصريحات القادة الميدانيين المشاركين في عملية ردع العدوان، تواصل الثورة السورية المباركة إدهاشنا لجهة التخطيط طويل الأمد الممتد لسنوات عديدة والمتضمن دراسة أدق التفاصيل السياسية والعسكرية واللوجستية والنفسية التي رافقت عملية الإعداد لمعركة التحرير.
في هذا الإطار تندرج مقابلة القيادي في إدارة العمليات العسكرية، أحمد الدالاتي على منصة “أثير ” والتي قدم خلالها شرحاً مستفيضاً لأسرار وحيثيات معركة ردع العدوان من حلب إلى حماة فحمص ودمشق وبقية المنطق الأخرى التي كانت تحت سيطرة النظام البائد.
بداية، أوضح الدالاتي أن ظروف نشأة الثورة وتشكّل الفصائل كانت معقدة ومختلفة وقد اتبع النظام سياسات متعددة لتفكيك الحالة الثورية وفقاً لظروف كل منطقة، إلا أنه وبعد تشكل المناطق المحررة وخاصة في إدلب بدأت مسألة توحيد الفصائل الثورية وتوحيد القرار المركزي تشكل تحدياً كبيراً أمام الثوار. وقد أسست تجربة إدلب أرضية لنضوج الفصائل كبنية عقلية وفكرية للتعبير عن الثوار كدولة وهذا ما شكل فارقاً كبيراً في تلك المرحلة.
لحظة الانتصار كانت هي لحظة توحيد القرار لكافة الفصائل الثورية
وذكر الدالاتي أن النظام في عام 2019 شن هجوماً واسعاً على إدلب بهدف القضاء على ما تبقى من الثورة، إلا أن الثوار استطاعوا الصمود وقاموا باستخلاص العبر والدروس وإعادة تقييم تلك المرحلة المؤلمة، وهذا فجّر الأمل وروح التحدي لديهم لإعادة إنتاج أنفسهم حيث كانت هذه اللحظة، أي بعد الشهر الثالث 2020، هي لحظة الانتصار الفعلي وليس تاريخ 8/12/2024، يوم الدخول إلى دمشق وسقوط النظام حيث مهد هذا لتوحيد الفصائل الثورية وتشكيل غرفة عمليات الفتح المبين التي أحدثت نقلة نوعية بالمفهوم العسكري وكانت النواة التي قادت إلى عملية ردع العدوان وصولاً إلى التحرير.
وشرح القيادي في إدارة العمليات العسكرية الخطوات الطويلة التي سبقت عملية ردع العدوان حيث قامت غرفة الفتح المبين منذ عام 2021 بتوحيد اللغة العسكرية للفصائل وخلقت بيئة تدريبية موحدة عبر مئات الدورات العسكرية لتأهيل آلاف المقاتلين في مختلف التخصصات القتالية، وترافق ذلك مع إنشاء الكلية الحربية في إدلب والتي خرجت قيادات عسكرية من الصف الأول والمتوسط بصفة ضباط.
وأكد الدالاتي أنه قبيل انطلاق عملية ردع العدوان كان لدى الثوار خلايا نائمة منتشرة في حلب وفي كل المدن السورية، منها من كان له مهمة جمع المعلومات ومنها من كان له مهام تنفيذية، مشيراً إلى أن التحدي الأكبر في معركة حلب كان القيام بعمل غير كلاسيكي يؤدي إلى الانهيار السريع لقوات النظام دون الدخول بمواجهة طويلة الأمد معها، وأوضح الدالاتي أنه كان من المقرر بدء عملية ردع العدوان في 22/11/2024 ولكن بسبب الظروف اللوجستية تم تأجيلها إلى 27/11/2024. لافتاً إلى أنه كان لوحدة العصائب الحمراء، وهي الوحدة النخبوية المعدة للمهام الخاصة خلف خطوط العدو، دوراً مهماً ومركزياً في المعركة.
الجيش السوري الجديد سيحمي البلاد من التهديدات الخارجية والداخلية
وقال الدالاتي: انطلقنا إلى حلب وكانت دمشق هي الهدف واليوم نحن في دمشق بفضل البندقية، لافتاً إلى أن السيطرة على حلب تمت في أقل من 36 ساعة وأن السرعة التي تم بها انهيار جيش النظام أكبر مما توقعه قادة العملية، مشيراً إلى أن عملية ردع العدوان أسقطت الدولة العميقة للنظام البائد حيث تم اختراق قواته في العمق وعلى كل المستويات.
وبعد تحرير حلب توجه الثوار سريعاً إلى حماة.
ووفقاً للدالاتي، فقد تم الدخول إلى حماة من ثلاثة محاور بغية تشتيت قوة النظام التي تداعت أمام الحصار والخروقات التي نفذتها خلايا سرايا القتال الليلي والتي كان لها دور كبير وحاسم في المعركة، وهنا عرف عناصر جيش النظام أن حلفاءهم تخلوا عنهم ما أدى لانهيار معنوياتهم بشكل واسع وذلك مهد لدخول قوات ردع العدوان بشكل سريع وسلس إلى حمص ثم دمشق في يوم 8/12/2024 وكان هذا بالتنسيق أيضاً مع الثوار في المنطقة الجنوبية ومناطق الغوطة الشرقية وريف القلمون الغربي وكل المناطق الأخرى التي تحركت باتجاه دمشق.
• جيش سورية الجديدة.. المكوّن والعقيدة
وحول شكل الجيش السوري الجديد، أوضح الدالاتي أن لدى الإدارة السياسية والعسكرية الجديدة رؤيا للاستفادة من خبرات أبناء الثورة من الفصائل ومن الضباط المنشقين كما سيتم العمل على الاستفادة من عناصر الجيش السابق من ضباط وأفراد في تخصصات لم يمتلكها الثوار كسلاح البحرية والطيران والحرب الالكترونية والدفاع الجوي، وسيكون الجيش السوري الجديد مسلحاً بأفضل الأسلحة وأكثرها تطوراً من مختلف الدول وستكون الخيارات متاحة بما فيها استمرار استيراد السلاح من روسيا.
وحول عقيدة الجيش السوري الجديد، أشار الدالاتي إلى أن هذا الجيش سيكون لكل سوريا ولكل السوريين وسيدافع عنهم ويحمي البلاد من التهديدات الخارجية والداخلية.
وختاماً، أكد الدالاتي أن سوريا اليوم هي لكل أبنائها وفيها طاقات بشرية ضخمة ستتنافس في بناء البلد بشكل أفضل وأجمل للعودة إلى مصاف الدول المتحضرة بعد أن جعلها النظام البائد في ذيل الأمم.