سوريتنا هويتنا الجامعة
سوريتنا هويتنا الجامعة
الحرية- هبا علي أحمد:
لم يعرف السوريون إلا الحب والمحبة، ولم يُعرفوا إلا كذلك بالحب والمحبة لبعضهم ولسوريتهم كهوية جامعة تلم وتضم.
وكما يبرعون في كل شيء، فهم سريعاً ما يترجمون حبهم على الأرض ويحولونه إلى واقع ملموس يشهد له القاصي والداني، فالمحبة هي لغة السوريين يستطيع أي أحد أن يدركها ويشعر بها..
على أن الحب والمحبة ليست شخصية على مستوى الأفراد والعلاقات فحسب، بل يترجمها السوريون في حبهم لبلدهم، حاضنهم وجامعهم، ومهما اختلفنا في الآراء والتوجهات يبقى حب البلد هو الوحيد الذي لا خلاف عليه وهو يجمع ما يفرقه اختلاف الآراء والأيديولوجيا.
ومع الانطلاق لبناء سوريا الجديدة بتنا نشاهد ونسمع عن حملات تطوع ومبادرات شبابية ومجتمعية همها البلد ويجمعها بناء سوريا كما يليق بها وترسيخ وجهها الحضاري البعيد كل البعد عن الفوضى.
فسريعاً يُلملم السوريون جراحهم ويقفزون على أحزانهم ويتجاوزونها في الكثير من الأحيان لأن الأهم هي سوريا، وبعد الأحداث المؤسفة التي وقعت في الجامع الأموي بالأمس، سارع عدد من شباب دمشق والغوطة المتطوعين لتنظيف ساحة الجامع في تعبير حقيقي عن وجه سوريا الجديدة، وفي تعبير حقيقي عن الشباب السوري الفاعل والمسؤول الذي يهب في كل مرة للقيام بمسؤولياته تجاه بلده من منطلق الالتزام الأخلاقي والإنساني وهذا ليس غريباً على الشباب السوري والشعب السوري بكل أطيافه الذي افتتح عهده الجديد بعبارة “بالحب بدنا نعمرها” وباتت لازمة ومرافقة ليومياتنا.
الصورة التي شاهدناها بالأمس بعد الأحداث المؤسفة في المسجد وغيرها الكثير من الصور على شاكلتها تعطي أملاً ودفعاً أكبر لليقين بأن القادم أفضل ومشرقاً طالما أنه يُبنى بسواعد أبناء سوريا.
حتى عندما نلقي نظرة سريعة في المحيط الإقليمي والأحداث التي عصفت في الدول التي مرت في مراحل انتقالية وغيرت مساراتها نجد كيف عبثت الفوضى والاضطرابات في تلك الدول بل يمكن القول إن ذاك التغيير انعكس سلباً، ولا تزال تبعاته سارية.
في حين إذا رأينا تجربة التغيير لدينا في سوريا وقارناها بما سبق ذكره لوجدنا أن مسار التغيير كان بالحد الأدنى جداً من الفوضى وهي حال تحكم أي تغيير، ولكن ليس كما تجارب الدول الأخرى، بل على العكس ضبطت الأمور سريعاً وساهم في ضبطها الالتفاف الشعبي والتكاتف حول العبور بسوريتنا إلى بر الأمن والأمان وفي جميع المجالات.
مما لا شك فيه أن مرحلة البناء، بناء الدولة، تتطلب الكثير من الوقت والصبر في آنٍ معاً، لكنها فرصتنا لنسهم جميعاً في هذا البناء للوصول إلى ما نستحق وما تستحقه سوريتنا وهذا لا يتم إلا بالتعاون وأن يأخذ كلّ منا دوره في هذا الطريق وأن يتحمل مسؤولياته، وكما يُدرك حقوقه يُدرك واجباته، لأن إدراك الواجبات جزء أساسي في مرحلة بناء الدولة ومؤسساتها، فلا يتساوى أن نطالب بحقوقنا دون أن ندرك واجباتنا ومسؤولياتنا الاجتماعية والإنسانية والأخلاقية وفي كافة المناحي والمجالات.
الانطلاق نحو سوريا الجديدة يضعنا أمام تحدّيات جمة علينا اجتيازها ويضعنا أمام اختبار جاد لمدى استحقاقنا لبلد ضارب في التاريخ لبلد الحضارة والثقافة والفن ، لبلد القانون والمؤسسات والعيش المشترك الذي يترفع عن أي تحزبات وانتماءات وتكتلات، فانتماؤنا الأول والأخير لسوريتنا.